بقلم / ابراهيم علوش
جماعة الكالوتي، الملقبة اختصاراً بـ(جك)، عنوان فضفاض يشمل كل من يشارك دورياً في الاعتصام الأسبوعي على رصيف جامع الكالوتي في الرابية حيث تجثم السفارة الصهيونية في عمان. بدأت قصة (جك) في 31 أيار 2010، أي قبل أكثر من خمس سنوات وسبعة أشهر، عندما قررت مجموعة المناضلين الذين شارك أو دعا بعضهم لاعتصامات في المنطقة، منذ العام 2000 عند انطلاق انتفاضة الأقصى، أن لا يظلوا في إطار ردة الفعل العاطفية المعهودة بعد مجزرة “مافي مرمرة”، وأن يحولوا الاحتجاج ضد وجود السفارة الصهيونية في عمان ومعاهدة وادي عربة الخيانية إلى حالة دائمة، غير مرتبطة بالانفعال الزائل على آخر مجزرة صهيونية… وقرروا إطلاق اسم (جك) على انفسهم، اختصاراً لجماعة الكالوتي، وهو الاسم الذي كنا نسمع أفراد الأجهزة الأمنية يطلقونه بالعموم على المترددين على اعتصامات ساحة مسجد الكالوتي عندما يبلغون رؤساءهم على أجهزة اللاسلكي: “جماعة الكالوتي وصلوا!”.
بدأ الاعتصام يومياً، لثماني أو تسع مرات، ثم تحول إلى اعتصامٍ أسبوعي، ولا يزال ذلك الاعتصام الأسبوعي مستمراً منذ التاسع أو العاشر من حزيران العام 2010، ليصبح بذلك أطول اعتصام في تاريخ الأردن، ومن أطول الاعتصامات في الوطن العربي والعالم المعاصر، إذ استمر في العواصف الثلجية التي تضرب عمان في فصل الشتاء أحياناً، وفي القيظ الشديد ظهيرة أيام رمضان، وفي المطر، والرياح الخمسينية، وفي عين الشمس الحارقة، وشهد صعوداً وهبوطاً في عدد المشاركين فيه، ومر عليه عبر السنوات مئات المواطنين والمناضلين، استمر بعضهم فيه وما بدلوا تبديلا، فكانوا يأتون لـ(جك) حتى لو تركوا خلفهم حفلة عرس أخ أو أخت، أو مجلس عزاء إحدى صلات القرابة الأولية. وأذكر مثلاً لا حصراً أنني أتيت للمشاركة في (جك) في خضم مجلس عزاء والدي المرحوم ناجي علوش في صيف العام 2012 للتأكيد على فكرة استمرارية الاعتصام بغض النظر عن الحالة الجوية أو السياسية… أو حتى الشخصية!
بدأ اعتصام (جك) قبل ما يسمى “الربيع العربي” بأشهر طويلة، وأزعم أننا كنا في (جك) أول من لمس الأثر المباشر لـ”الربيع العربي” في تشتيت البوصلة وانزياحها عن التناقض الرئيسي مع العدو الصهيوني باتجاه الصراعات الداخلية مما خسف عدد المشاركين في الاعتصام خسفاً، ثم جاء عدوان الناتو على ليبيا وموقف أغلبنا المناهض له لنخسر عشرات المشاركين في (جك)، وزاد الأمر سوءاً بعد تصاعد الأزمة في سورية، وكان ذلك قبل انكشاف الأوراق وتحول معظم من أيدوا الثورات المضادة في ليبيا وسورية إلى الوقوف ضدها، بعد فوات الأوان في حالة ليبيا طبعاً، وبعد تدمير أغلب سورية. المهم، قررنا أن “الربيع” المزعوم سببٌ أقوى للاستمرار في الاعتصام لكي نذكر الناس بالتناقض الرئيسي مع العدو الصهيوني، وأننا سنستمر ولو ببضعة أشخاص. وكان هذا ما حصل، مرة أخرى، بغض النظر عن الحالة الجوية أو السياسية، ليبقى (جك) كبوصلة سياسية.
تحويل وجود السفارة الصهيونية في الرابية إلى قضية رأي عام هو هدف اعتصام (جك)، وكذلك التذكير بمعاهدة وادي عربة واستحقاقاتها. ولم يكن لدينا توهمٌ بأننا سنقتلع السفارة الصهيونية أو نسقِط معاهدة وادي عربة ببضع عشرات، بل كان هدفنا بث رسالة معارضة للسفارة والمعاهدة، للناس، للدولة، ولمن نسي التناقض الرئيسي وانعكاساته الداخلية، وقد فعلنا هذا في ظل جو من التشكيك أحياناً في جدوى الاعتصام وأهميته من قبل من عادوه لأسبابٍ شتى. ومع أن التضييق والاستدعاءات الأمنية للمشاركين في (جك) توقفت فعلياً بعد بدء ما يسمى “الربيع العربي”، ربما لأن النظام لمس التأثير السلبي لذلك “الربيع” عليه، فإن الحملات على (جك) كانت تأتي هذه المرة من قوى سياسية معادية، وأخرى يفترض أنها صديقة، وكان ردنا هو الانفتاح ودعوة أي حزب أو جمعية أردنية ترغب بتبني الاعتصام، وإلقاء كلمته الختامية، ورفع شعاراتها ويافطاتها فيه، أن تنسق مع إدارة الاعتصام لترتيب ذلك، وقد تجاوبت أحزاب وقوى يسارية وقومية بضع مرات مع تلك الدعوة مشكورة، وكان لمشاركتها تلك أثرٌ إيجابي في تعزيز الاعتصام وتقويته بلا شك.
أما لماذا يعقد الاعتصام على رصيف مسجد الكالوتي، على بعد مئات الأمتار أو أكثر من مبنى السفارة الصهيونية في الرابية؟ فلأن تجاوز تلك النقطة الجغرافية يؤدي لصدامٍ مباشر مع القوى الأمنية، وهو ما لسنا معنيين فيه، لا من حيث المبدأ أو الجدوى، ببضع عشرات من المعتصمين، يقلون أو يزيدون، مع العلم أن السفارة الصهيونية تتم حمايتها أكثر من القصور الملكية بالمناسبة!
وكانت جمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية، منذ البداية، قد قدمت سقفها، قانونياً وفيزيائياً، لجماعة الكالوتي، خصوصاً أن كثيراً منهم عضوٌ فيها.
بدأ الاعتصام يومياً، لثماني أو تسع مرات، ثم تحول إلى اعتصامٍ أسبوعي، ولا يزال ذلك الاعتصام الأسبوعي مستمراً منذ التاسع أو العاشر من حزيران العام 2010، ليصبح بذلك أطول اعتصام في تاريخ الأردن، ومن أطول الاعتصامات في الوطن العربي والعالم المعاصر، إذ استمر في العواصف الثلجية التي تضرب عمان في فصل الشتاء أحياناً، وفي القيظ الشديد ظهيرة أيام رمضان، وفي المطر، والرياح الخمسينية، وفي عين الشمس الحارقة، وشهد صعوداً وهبوطاً في عدد المشاركين فيه، ومر عليه عبر السنوات مئات المواطنين والمناضلين، استمر بعضهم فيه وما بدلوا تبديلا، فكانوا يأتون لـ(جك) حتى لو تركوا خلفهم حفلة عرس أخ أو أخت، أو مجلس عزاء إحدى صلات القرابة الأولية. وأذكر مثلاً لا حصراً أنني أتيت للمشاركة في (جك) في خضم مجلس عزاء والدي المرحوم ناجي علوش في صيف العام 2012 للتأكيد على فكرة استمرارية الاعتصام بغض النظر عن الحالة الجوية أو السياسية… أو حتى الشخصية!
بدأ اعتصام (جك) قبل ما يسمى “الربيع العربي” بأشهر طويلة، وأزعم أننا كنا في (جك) أول من لمس الأثر المباشر لـ”الربيع العربي” في تشتيت البوصلة وانزياحها عن التناقض الرئيسي مع العدو الصهيوني باتجاه الصراعات الداخلية مما خسف عدد المشاركين في الاعتصام خسفاً، ثم جاء عدوان الناتو على ليبيا وموقف أغلبنا المناهض له لنخسر عشرات المشاركين في (جك)، وزاد الأمر سوءاً بعد تصاعد الأزمة في سورية، وكان ذلك قبل انكشاف الأوراق وتحول معظم من أيدوا الثورات المضادة في ليبيا وسورية إلى الوقوف ضدها، بعد فوات الأوان في حالة ليبيا طبعاً، وبعد تدمير أغلب سورية. المهم، قررنا أن “الربيع” المزعوم سببٌ أقوى للاستمرار في الاعتصام لكي نذكر الناس بالتناقض الرئيسي مع العدو الصهيوني، وأننا سنستمر ولو ببضعة أشخاص. وكان هذا ما حصل، مرة أخرى، بغض النظر عن الحالة الجوية أو السياسية، ليبقى (جك) كبوصلة سياسية.
تحويل وجود السفارة الصهيونية في الرابية إلى قضية رأي عام هو هدف اعتصام (جك)، وكذلك التذكير بمعاهدة وادي عربة واستحقاقاتها. ولم يكن لدينا توهمٌ بأننا سنقتلع السفارة الصهيونية أو نسقِط معاهدة وادي عربة ببضع عشرات، بل كان هدفنا بث رسالة معارضة للسفارة والمعاهدة، للناس، للدولة، ولمن نسي التناقض الرئيسي وانعكاساته الداخلية، وقد فعلنا هذا في ظل جو من التشكيك أحياناً في جدوى الاعتصام وأهميته من قبل من عادوه لأسبابٍ شتى. ومع أن التضييق والاستدعاءات الأمنية للمشاركين في (جك) توقفت فعلياً بعد بدء ما يسمى “الربيع العربي”، ربما لأن النظام لمس التأثير السلبي لذلك “الربيع” عليه، فإن الحملات على (جك) كانت تأتي هذه المرة من قوى سياسية معادية، وأخرى يفترض أنها صديقة، وكان ردنا هو الانفتاح ودعوة أي حزب أو جمعية أردنية ترغب بتبني الاعتصام، وإلقاء كلمته الختامية، ورفع شعاراتها ويافطاتها فيه، أن تنسق مع إدارة الاعتصام لترتيب ذلك، وقد تجاوبت أحزاب وقوى يسارية وقومية بضع مرات مع تلك الدعوة مشكورة، وكان لمشاركتها تلك أثرٌ إيجابي في تعزيز الاعتصام وتقويته بلا شك.
أما لماذا يعقد الاعتصام على رصيف مسجد الكالوتي، على بعد مئات الأمتار أو أكثر من مبنى السفارة الصهيونية في الرابية؟ فلأن تجاوز تلك النقطة الجغرافية يؤدي لصدامٍ مباشر مع القوى الأمنية، وهو ما لسنا معنيين فيه، لا من حيث المبدأ أو الجدوى، ببضع عشرات من المعتصمين، يقلون أو يزيدون، مع العلم أن السفارة الصهيونية تتم حمايتها أكثر من القصور الملكية بالمناسبة!
وكانت جمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية، منذ البداية، قد قدمت سقفها، قانونياً وفيزيائياً، لجماعة الكالوتي، خصوصاً أن كثيراً منهم عضوٌ فيها.
وفي أواسط شهر أيلول العام 2015، اتضح أن الدولة قررت أن الوقت قد حان لاجتثاث (جك)، وبدأ ذلك برسالة رسمية من وزيرة الثقافة لجمعية مناهضة الصهيونية، كون الجمعية مرخصة لدى وزارة الثقافة، تبلغ فيها جمعية المناهضة أن اعتصام (جك)، بعد خمس سنوات ونصف، هو اعتصام غير قانوني وغير مرخص! ومع أن (جك) كان نموذجاً للانضباط ولم تحدث فيه مشكلة واحدة على مدى السنوات، بدأت هنا حملة استدعاءات أمنية للمشاركين فيه، أعقبتها اعتقالات، وتفتيش للمنازل، ومضايقات، ثم تم فض (جك) بالقوة تكراراً، وضُرب المشاركون والمشاركات فيه، ثم شُيد سياجٌ في ساحة الكالوتي لمنعه ومنع أي اعتصام آخر فيها، وأخيراً، وليس آخراً، تم اعتقال 12 من المشاركين فيه يوم الخميس الفائت الموافق 7/1/2016، ولكننا لا نزال مصرين على الاستمرار، إن تعذر الوقوف على رصيف الكالوتي نفسه بسبب التواجد الأمني المكثف، ففي مكان قريب في الرابية، وسنقيم اعتصامنا الـ304 غداً الخميس الساعة 5، ولذلك اقتضى التنويه.
إرسال تعليق