مؤشر الربح والخسارة في مقاومة الإحتلال

الجمعة، 22 يناير 20160 التعليقات

مؤشر الربح والخسارة في مقاومة الإحتلال
بقلم المفكر الفلسطيني خالد عمايرة
يعترف العدو قبل الصديق أن الشعب الفلسطيني لديه قدرة عالية على التضحية في سبيل الحرية والخلاص من نير الإحتلال الإسرائيلي الجاثم على صدورنا منذ عقود طويلة.
والأم الفلسطينية التي تودع ابنها الشهيد بالزغاريد على أمل لقائه في جنة الخلد ليست بحاجة إلى محاضرات في الوطنية أو شهادات حسن سلوك في الصبر والصمود.
لكن الحبل لا يترك على غاربه ودم الفلسطينيين ليس رخيصا وترشيد المقاومة بات شرطا أساسيا لنجاحها وإلا تصبح المقاومة أشبه "بالفزعة" العشائرية.
لا ينبغي الإستخفاف بدماء الشهداء , فقد قضوا مظلومين لا ظالمين في سببل قضية عادلة ونحسيهم في مقعد صدق عند مليك مقتدر وعموما نقول إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرئ ما نوى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم- حتى إذا مال مؤشر الربح والخسارة إلى غير صالحنا.
ومع ذلك لا يؤخذ هذا المنطق على إطلاقه لأن مصلحة الكفاح الفلسطيني في سبيل الحرية والتحرير تقتضي أن لا تسيل قطرة دم فلسطينية واحدة لا يراعى فيها مبدأ الربح والخسارة. نقول هذا بصرف النظرعن تهريج الغوغائيين الذين لا يدركون الفرق بين المقاومة الرشيدة والفزعة العشائرية.
إن الطابع التاريخي الطويل للصراع مع الصهيونية هو صراع وجود بكل ما في الكلمة من معنى مما يحتم علينا حساب كل نقاط الربح والخسارة-الواقعية والمحتملة وحساب كل نقاط الخسارة-الواقعية منها المحتملة بحيث يصار إلى تعزيز نقاط الربح وتقليل نقاط الخسارة قدر الإمكان بحيث نصل في نهاية المطاف إلى ما يمكن وصفه بالمقاومة الذكية التي تراكم المكاسب وتحد من الأضرار قدر الإمكان.
الصمود هوكلمة السر:
إن الصمود الشعبي الجماعي في وجه موجات القمع الإسرائيلي المتواصل بمثل كلمة السر في نجاح ستراتيجية الخلاص الفلسطيني. فصمود العامل في موقع عمله وصمود الطالب على مقعد الدراسة وصمود ربة اللبت في بيتها هو الذي يلعب الدور الاكبر في تحيد الغطرسة الصهيونية ويؤدي في نهاية الامر إلى حدوث الانفراج التاريخي المأمول.
من هذا المنطلق نرى ان على السلطة الفلسطينية والفصائل االفلسيطينية والقوى الشعبية على اختلافها أن تركز على دعم الصمود الجماعي الفلسطيني في وجه الإحتلال لأنه إذا نجحنا في تعزيز الصمود نجحنا فيما سواه وإذا فشلنا فشلنا في كل شيئ.
ولكن كيف ننجح في تعزيزالصمود الشعبي بصورة ملموسة بعيدة عن الألفاظ الإنشائية والعبارات الفضفاضة؟
لا أحد يطلب المستحيل من سلطة الفلسطينية في هذا المجال.
لكن السلطة التي صرفت-بل أسرفت- بلايين الدولارات على مشاريع وهمية فاشلة بإمكانها مساعدة العائلات الفقيرة- وهي كثيرة- في التمكن من العيش الكريم ولو في حدوده الدنيا عن طريق تقديم الغذاء كل أخر شهر أودفع أقساط الرسوم الجامعية أو خلق فرص عمل لأبنائها تغنيهم عن السؤال أو معافاتها من رسوم الماء والكهرباء.
صحيح أننا نتحدث عن سلطة بلا سيادة تعيش على المساعدات الدولية المشروطة كما يعلم الجميع. لكن قيام السلطة بإثقال الاعباء على كاهل المواطن من خلال الضرائب الباهظة لا يساعد على الصمود في وجه الاحتلال بل بدفع الناس الى الهجرة.
نقول هذا لأن أسعار بعض المواد الاستهلاكية الاساسية في فلسطين المحتلة, مثل المحروقات هو من بين الاغلى على مستوى العالم رغم الانخفاض الحاد الذي طرآ على تلك الاسعار في السوق العالمي في الاونة الاخيرة...فلماذا تباع أسطوانة غاز الطهي المنزلي في الضفة الغربية بسعر يفوق مثيله في تل أبيب علما أن دخل المواطن الفلسطيني في الضفة الغربية يقل بخمسة أضعاف عن معدل دخل الإسرائيليين؟؟؟؟!
كلمة أخيرة أتوجه بها إلى الكل الفلسطيني لعلها تجد آذانا صاغية.
إن قضيتنا قضية عادلة وينبغي الحرص أشد الحرص على عدم تشويهها باستهداف الابرياء من اليهود مثل الاطفال فمثل هذا الامر لا يجوز شرعا فضلا عن انه يلحق ضررا بالغا بصورتنا ويصورنا كقتلة إرهابيين متعطشين لسفك الدماء.
صحيح ان الإرهابيين اليهود لا يرقبون فينا إلا ولا ذمة ولا يتورعون حتى عن حرق أطفالنا وهم أحياء ( الطفل خضير وعائلة دوابشة), لكن المعايير الدينية والاخلاقية التي تحكم تصرفاتنا لا تسمح لنا بالتصرف كالبرابرة.
لهذا ينبغي علينا أن نمتنع وبصورة قطعية عن إعطاء ماكينة الدعاية الإسرائيلية الذخيرة اللازمة لتشويه نضالنا المشروع وذلك بقتل أو إستهداف الأبرياء من اليهود وخاصة الاطفال فمثل هذا الامر لا يشرف المقاومة بل يلحق بها العار والشنار.
كاتب المقال
خالد عمايرة:
مفكر وكاتب فلسطيني يقيم في مدينة دورا في فلسطين المحتلة
21 يناير 2016
انشر الموضوع واضفط اعجبنى :

إرسال تعليق