بقلم / سعيد الشهابي
حدثت كارثة الحجاج الاخيرة في واحد من أسوأ الظروف التي تمر بها المملكة العربية السعودية، ووفرت لمنتقديها مادة اعلامية وسياسية دسمة، وبالتالي ستكون لها تداعيات غير قليلة في الفترة المقبلة.
وقد لوحظ ان السجالات والمناقشات في المواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، ان النقاش تطرق لامور عديدة، سياسية وعسكرية واقتصادية، لسبب بسيط ان السعودية انتهجت في السنوات الاخيرة سياسات تهدف لاظهار دورها القيادي على الساحتين العربية والاقليمية، وحولت حكومة شبه الجزيرة العربية من الدبلوماسية الهادئة الى الممارسة السياسية الصاخبة التي تصاحبها احيانا اصوات الطائرات وانفجار الصواريخ. وبالتالي لم تعد الاجراءات الادارية والتنظيمية منفصلة عما يحدث في المجال السياسي.
ونظرا لتفشي عدد من الظواهر كالتطرف والعنف والتعصب والتمذهب، فمن المؤكد ان معارضي السياسة السعودية قد شحذوا سيوفهم لاستخدامها في المعارك السياسية والايديولوجية التي تكون السعودية طرفا فيها. فمهما قيل ان الظروف التي توفي فيها اكثر من 4000 حاج في الطريق المؤدي للجمرات على بعد خمسة كيلومترت من مكة، فثمة خلل اداري كبير ادى للتدافع القاتل. فعندما يتوقع المسؤولون في اي بلد تجمعات بشرية كبيرة فان عليهم مسؤولية توفير وسائل الامن التي تضمن سلامة المشاركين، وتمنع حدوث التدافع بفرض اساليب الانتظام في السير، وتجنيب الحشود الكبيرة المرور بشوارع ضيقة. ويندر ان يحدث تدافع في منطقة مفتوحة كأطراف مكة حيث الارض الشاسعة التي تسمح ببناء الطرق الواسعة.
فاذا كان بالامكان اعادة تصميم منطقة رمي الجمرات وتوسعتها بما يوفر سلامة الحجاج ويفي بالغرض الشرعي، فبالامكان ايضا توسعة الشوارع وحرف مسار بعض الجموع بعيدا عن الازقة والطرق الضيقة، وتوفير اعداد كافية من الشرطة لتفادي ما قد يؤدي للتدافع. وما حدث صباح عيد الاضحى المبارك يوم الخميس الماضي اعاد فتح النقاش مجددا حول امن الحجيج ومدى فاعلية الاجراءات السعودية على مدى العقود الماضية في منع الحوادث القاتلة. والحديث هنا ليس عن حادثة واحدة بعينها بل يتصل بالعديد منها ويسعى بشكل جاد، بعيدا عن المماحكات السياسية والاعتبارات الايديولوجية، لبحث اساليب تمنع تكرر الحوادث نفسها.
حادثة منى ليست الاولى التي حدثت خلال موسم الحج هذا العام، بل سبقتها حوادث اخرى ادت لوفاة المئات. فقبل أقل من ثلاثة اسابيع جاء سقوط الرافعة التي تديرها مجموعة بن لادن، لتفتح ملفات عديدة وتحرج السلطات السعودية في الوقت الذي تخوض فيه حربا شرسة مع بلد جار، وتواجه فيه توترات داخل البيت الخليجي نفسه. في تلك الحادثة لقي اكثر من مائة من الحجاج مصرعهم، وجاء رد فعل السلطات بتجميد عمل مجموعة بن لادن ضمن اجراءات متميزة لم تمارسها السعودية من قبل. وربما ساهم في تعقيد المشهد وقوع الحادثة في الذكرى الاربعة عشرة لتفجيرات نيويورك التي تبناها تنظيم “القاعدة” الذي كان تحت قيادة اسامة بن لادن. وجاء بعدها حوادث اخرى عمقت الشعور بضرورة فتح ملف ادارة الحرمين ومناقشة اجراءات الحج على مستوى منظمة مؤتمر التعاون الاسلامي. ومنذ المواجهة بين قوات الامن السعودية والحجاج الايرانيين في موسم حج عام 1987، التي قتل فيها اكثر من 400 منهم، تعددت الحوادث التي قتلت فيها اعداد كبيرة من حجاج بين الله الحرام. ففي العام 1992 وقعت حادثة نفق “المعيصم” الذي شهد تدافعا ادى لوفاة اكثر من 1400 من الحجاج. وفي العام 2008 شب حريق هائل في منى اودى بحياة اكثر من 400 شخص، وتكررت حوادث مشابهة بمستوى اقل، حتى جاءت حوادث هذا العام. ومن المؤكد ان السلطات السعودية لا ترضى بمحاكمة النظام اداريا او سياسيا، وتصر على ان يكتفى بالاجراءات التي تتخذها لمنع تكرر تلك الحوادث. غير ان حكومات الدول الاسلامية تريد ضمان سلامة حجاجها في الاعوام المقبلة، ولكن ذلك غير ممكن في ضوء ما يحدث في مواسم الحج المتتالية. وقد ارتفعت اصوات عديدة تطالب بما يمكن تسميته “تدويل النظام الاداري” لموسم الحج في اثر استمرار الحوادث الناجمة عما يمكن اعتباره ضعفا اداريا.
لقد اصبح الحج واحدة من القضايا المثيرة للجدل في الاوساط الاسلامية، وهي قضية تعتبرها السعودية “سيادية” لا يمكن ان تسمح لاحد بالمشاركة في ادارتها. الامر المؤكد ان الرياض تنفق اموالا طائلة لتطوير البنية التحتية في مكة والمدينة وتحسين الخدمات، ومع ذلك تتواصل الحوادث المميتة. ويعتبر الاقتصاديون الحج مصدرا ماليا كبيرا للملكة يقدر دخله باكثر من ثمانية مليارات دولار سنويا، بالاضافة لما يمثله من سلطة دينية ذات أثر في حياة المسلمين. ولا تتساهل السعودية في القضايا الامنية التي تحدث في الاماكن المقدسة. فقد تعاملت بحسم مع انتفاضة جهيمان العتيبي في 1979 واستقدمت قوات فرنسية لانهاء سيطرة مجموعته على المسجد الحرام. وفي 1987 تصدت اجهزة الامن السعودي للمتظاهرين الايرانيين وقتلت اكثر من 400 منهم. وفي العام 1989 اعتقلت مجموعة من الحجاج الكويتيين واعدمت ستة عشر منهم. هذه الحقائق بالاضافة للحوادث المفجعة التي وقع العديد منها بالقرب من رمي الجمرات تكشف عدم استيعاب الاحتياجات الامنية التي يتطلبها تواجد اكثر من مليوني حاج لفترة قصيرة في منطقة صغيرة. فحتى العراق الذي يعاني من مشاكل سياسية وادارية لم يسجل حوادث بهذا الحجم برغم انه يستقبل سنويا اكثر من عشرة ملايين زائر مرتين سنويا بمدينة كربلاء. وهناك العديد من الفعاليات الدولية والمؤتمرات التي يحضرها اعداد كبيرة خصوصا في باكستان والهند وبنغلاديش، بدون ان تحدث هذه الكوارث المميتة. هذا يفرض على من يهمهم الامر اعادة النظر في العديد من الامور: اولها الاماكن المقدسة في العالم الاسلامي، فهل يحق لفئة دون اخرى التفرد بالتصرف فيها؟ هل يحق لمجموعة ان تنسف ايا من الآثار التي يشعر الملايين بالانتماء اليها، مسلمين وغيرهم. ثانيها: اذا تكررت المشاكل والحوادث القاتلة أليس من المنطق فتح السجال حول اسباب ذلك؟ أليس من المسؤولية بمكان ان يتداعى المسؤولون في الدول الاسلامية للبحث في سبل حماية الحجاج من هذه الحوادث؟ ثالثها: اعادة النظر في مفاهيم السيادة والمسؤولية وحرية التصرف في كل ما يعتبر حقا عاما، سواء مالا ام تراثا. رابعا: لماذا تغيب المرجعيات الدينية في العالم الاسلامي عن دوائر القرار في ما يتعلق بادارة المقدسات الاسلامية؟ فحين يعتدي الاسرائيليون على المسجد الاقصى او الحرم الابراهيمي، هل يسكت المسلمون على ذلك؟ وكذلك الامر عندما تستهدف الآثار الاسلامية او الانسانية، أليس من حق الجميع السعي لوقف ذلك؟
المملكة العربية السعودية تواجه في الفترة الحالية تحديات داخلية وخارجية، وتمثل حوادث موسم الحج عبئا كبيرا عليها، خصوصا في العهد الحالي الذي يتولى فيه الملك سلمان ونجله مقاليد الامور. فالحرب في اليمن تحولت لمستنقع عسكري يصعب التكهن بكيفية الخروج منه، وتداعياتها دفعت سلطنة عمان للاحتجاج الرسمي على استهداف منزل سفيرها في صنعاء من قبل طيران التحالف الذي تقوده السعودية، وهو امر ينذر بتصدع المجلس اذا لم يتم علاجه بسرعة وحكمة. واسعار النفط اصبحت مشكلة تحاصر الرياض التي اعتقدت ان اغراق السوق بهذه السلعة الاستراتيجية سيؤدي لانخفاض اسعاره الامر الذي سيسبب مشاكل اقتصادية جمة للدول التي تختلف مع السعودية سياسيا مثل روسيا وايران والعراق. غير ان الخزينة السعودية نفسها اصبحت الآن مستنزفة بمعدلات تفوق دخلها كثيرا. وقبل اسبوعين اعلنت البحرين عن سياسة تقشف حادة وحكومة مصغرة لادارة ذلك بسبب انخفاض العائدات النفطية. كما ان توازن القوى الاقليمي اصبح مصدر قلق لدول مجلس التعاون الخليجي، خصوصا مع تدخل روسيا لدعم النظام السوري عسكريا، وانتشار مجموعات العنف والتطرف في الجزيرة العربية في حضرموت التي اصبحت مركزا لتنظيم “القاعدة”. هذا يعني ان السعودية ليست بحاجة للمزيد من المشاكل والهموم ذات الطابع الديني والامني، خصوصا مسألة الحج وما يحدق بها من مخاطر. والأمل ان تتحول كارثة شارع الجمرات الى جرس انذار يقنع الجميع، خصوصا السعوديين، بان للقوة والمال النفطي حدودا وان التعامل بوعي وحكمة وتوازن مع امور كهذه هو الطريق للخروج منها بسلام، لان البديل المزيد من الحروب والتصدع والتوتر والعداء.
حدثت كارثة الحجاج الاخيرة في واحد من أسوأ الظروف التي تمر بها المملكة العربية السعودية، ووفرت لمنتقديها مادة اعلامية وسياسية دسمة، وبالتالي ستكون لها تداعيات غير قليلة في الفترة المقبلة.
وقد لوحظ ان السجالات والمناقشات في المواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، ان النقاش تطرق لامور عديدة، سياسية وعسكرية واقتصادية، لسبب بسيط ان السعودية انتهجت في السنوات الاخيرة سياسات تهدف لاظهار دورها القيادي على الساحتين العربية والاقليمية، وحولت حكومة شبه الجزيرة العربية من الدبلوماسية الهادئة الى الممارسة السياسية الصاخبة التي تصاحبها احيانا اصوات الطائرات وانفجار الصواريخ. وبالتالي لم تعد الاجراءات الادارية والتنظيمية منفصلة عما يحدث في المجال السياسي.
ونظرا لتفشي عدد من الظواهر كالتطرف والعنف والتعصب والتمذهب، فمن المؤكد ان معارضي السياسة السعودية قد شحذوا سيوفهم لاستخدامها في المعارك السياسية والايديولوجية التي تكون السعودية طرفا فيها. فمهما قيل ان الظروف التي توفي فيها اكثر من 4000 حاج في الطريق المؤدي للجمرات على بعد خمسة كيلومترت من مكة، فثمة خلل اداري كبير ادى للتدافع القاتل. فعندما يتوقع المسؤولون في اي بلد تجمعات بشرية كبيرة فان عليهم مسؤولية توفير وسائل الامن التي تضمن سلامة المشاركين، وتمنع حدوث التدافع بفرض اساليب الانتظام في السير، وتجنيب الحشود الكبيرة المرور بشوارع ضيقة. ويندر ان يحدث تدافع في منطقة مفتوحة كأطراف مكة حيث الارض الشاسعة التي تسمح ببناء الطرق الواسعة.
فاذا كان بالامكان اعادة تصميم منطقة رمي الجمرات وتوسعتها بما يوفر سلامة الحجاج ويفي بالغرض الشرعي، فبالامكان ايضا توسعة الشوارع وحرف مسار بعض الجموع بعيدا عن الازقة والطرق الضيقة، وتوفير اعداد كافية من الشرطة لتفادي ما قد يؤدي للتدافع. وما حدث صباح عيد الاضحى المبارك يوم الخميس الماضي اعاد فتح النقاش مجددا حول امن الحجيج ومدى فاعلية الاجراءات السعودية على مدى العقود الماضية في منع الحوادث القاتلة. والحديث هنا ليس عن حادثة واحدة بعينها بل يتصل بالعديد منها ويسعى بشكل جاد، بعيدا عن المماحكات السياسية والاعتبارات الايديولوجية، لبحث اساليب تمنع تكرر الحوادث نفسها.
حادثة منى ليست الاولى التي حدثت خلال موسم الحج هذا العام، بل سبقتها حوادث اخرى ادت لوفاة المئات. فقبل أقل من ثلاثة اسابيع جاء سقوط الرافعة التي تديرها مجموعة بن لادن، لتفتح ملفات عديدة وتحرج السلطات السعودية في الوقت الذي تخوض فيه حربا شرسة مع بلد جار، وتواجه فيه توترات داخل البيت الخليجي نفسه. في تلك الحادثة لقي اكثر من مائة من الحجاج مصرعهم، وجاء رد فعل السلطات بتجميد عمل مجموعة بن لادن ضمن اجراءات متميزة لم تمارسها السعودية من قبل. وربما ساهم في تعقيد المشهد وقوع الحادثة في الذكرى الاربعة عشرة لتفجيرات نيويورك التي تبناها تنظيم “القاعدة” الذي كان تحت قيادة اسامة بن لادن. وجاء بعدها حوادث اخرى عمقت الشعور بضرورة فتح ملف ادارة الحرمين ومناقشة اجراءات الحج على مستوى منظمة مؤتمر التعاون الاسلامي. ومنذ المواجهة بين قوات الامن السعودية والحجاج الايرانيين في موسم حج عام 1987، التي قتل فيها اكثر من 400 منهم، تعددت الحوادث التي قتلت فيها اعداد كبيرة من حجاج بين الله الحرام. ففي العام 1992 وقعت حادثة نفق “المعيصم” الذي شهد تدافعا ادى لوفاة اكثر من 1400 من الحجاج. وفي العام 2008 شب حريق هائل في منى اودى بحياة اكثر من 400 شخص، وتكررت حوادث مشابهة بمستوى اقل، حتى جاءت حوادث هذا العام. ومن المؤكد ان السلطات السعودية لا ترضى بمحاكمة النظام اداريا او سياسيا، وتصر على ان يكتفى بالاجراءات التي تتخذها لمنع تكرر تلك الحوادث. غير ان حكومات الدول الاسلامية تريد ضمان سلامة حجاجها في الاعوام المقبلة، ولكن ذلك غير ممكن في ضوء ما يحدث في مواسم الحج المتتالية. وقد ارتفعت اصوات عديدة تطالب بما يمكن تسميته “تدويل النظام الاداري” لموسم الحج في اثر استمرار الحوادث الناجمة عما يمكن اعتباره ضعفا اداريا.
لقد اصبح الحج واحدة من القضايا المثيرة للجدل في الاوساط الاسلامية، وهي قضية تعتبرها السعودية “سيادية” لا يمكن ان تسمح لاحد بالمشاركة في ادارتها. الامر المؤكد ان الرياض تنفق اموالا طائلة لتطوير البنية التحتية في مكة والمدينة وتحسين الخدمات، ومع ذلك تتواصل الحوادث المميتة. ويعتبر الاقتصاديون الحج مصدرا ماليا كبيرا للملكة يقدر دخله باكثر من ثمانية مليارات دولار سنويا، بالاضافة لما يمثله من سلطة دينية ذات أثر في حياة المسلمين. ولا تتساهل السعودية في القضايا الامنية التي تحدث في الاماكن المقدسة. فقد تعاملت بحسم مع انتفاضة جهيمان العتيبي في 1979 واستقدمت قوات فرنسية لانهاء سيطرة مجموعته على المسجد الحرام. وفي 1987 تصدت اجهزة الامن السعودي للمتظاهرين الايرانيين وقتلت اكثر من 400 منهم. وفي العام 1989 اعتقلت مجموعة من الحجاج الكويتيين واعدمت ستة عشر منهم. هذه الحقائق بالاضافة للحوادث المفجعة التي وقع العديد منها بالقرب من رمي الجمرات تكشف عدم استيعاب الاحتياجات الامنية التي يتطلبها تواجد اكثر من مليوني حاج لفترة قصيرة في منطقة صغيرة. فحتى العراق الذي يعاني من مشاكل سياسية وادارية لم يسجل حوادث بهذا الحجم برغم انه يستقبل سنويا اكثر من عشرة ملايين زائر مرتين سنويا بمدينة كربلاء. وهناك العديد من الفعاليات الدولية والمؤتمرات التي يحضرها اعداد كبيرة خصوصا في باكستان والهند وبنغلاديش، بدون ان تحدث هذه الكوارث المميتة. هذا يفرض على من يهمهم الامر اعادة النظر في العديد من الامور: اولها الاماكن المقدسة في العالم الاسلامي، فهل يحق لفئة دون اخرى التفرد بالتصرف فيها؟ هل يحق لمجموعة ان تنسف ايا من الآثار التي يشعر الملايين بالانتماء اليها، مسلمين وغيرهم. ثانيها: اذا تكررت المشاكل والحوادث القاتلة أليس من المنطق فتح السجال حول اسباب ذلك؟ أليس من المسؤولية بمكان ان يتداعى المسؤولون في الدول الاسلامية للبحث في سبل حماية الحجاج من هذه الحوادث؟ ثالثها: اعادة النظر في مفاهيم السيادة والمسؤولية وحرية التصرف في كل ما يعتبر حقا عاما، سواء مالا ام تراثا. رابعا: لماذا تغيب المرجعيات الدينية في العالم الاسلامي عن دوائر القرار في ما يتعلق بادارة المقدسات الاسلامية؟ فحين يعتدي الاسرائيليون على المسجد الاقصى او الحرم الابراهيمي، هل يسكت المسلمون على ذلك؟ وكذلك الامر عندما تستهدف الآثار الاسلامية او الانسانية، أليس من حق الجميع السعي لوقف ذلك؟
المملكة العربية السعودية تواجه في الفترة الحالية تحديات داخلية وخارجية، وتمثل حوادث موسم الحج عبئا كبيرا عليها، خصوصا في العهد الحالي الذي يتولى فيه الملك سلمان ونجله مقاليد الامور. فالحرب في اليمن تحولت لمستنقع عسكري يصعب التكهن بكيفية الخروج منه، وتداعياتها دفعت سلطنة عمان للاحتجاج الرسمي على استهداف منزل سفيرها في صنعاء من قبل طيران التحالف الذي تقوده السعودية، وهو امر ينذر بتصدع المجلس اذا لم يتم علاجه بسرعة وحكمة. واسعار النفط اصبحت مشكلة تحاصر الرياض التي اعتقدت ان اغراق السوق بهذه السلعة الاستراتيجية سيؤدي لانخفاض اسعاره الامر الذي سيسبب مشاكل اقتصادية جمة للدول التي تختلف مع السعودية سياسيا مثل روسيا وايران والعراق. غير ان الخزينة السعودية نفسها اصبحت الآن مستنزفة بمعدلات تفوق دخلها كثيرا. وقبل اسبوعين اعلنت البحرين عن سياسة تقشف حادة وحكومة مصغرة لادارة ذلك بسبب انخفاض العائدات النفطية. كما ان توازن القوى الاقليمي اصبح مصدر قلق لدول مجلس التعاون الخليجي، خصوصا مع تدخل روسيا لدعم النظام السوري عسكريا، وانتشار مجموعات العنف والتطرف في الجزيرة العربية في حضرموت التي اصبحت مركزا لتنظيم “القاعدة”. هذا يعني ان السعودية ليست بحاجة للمزيد من المشاكل والهموم ذات الطابع الديني والامني، خصوصا مسألة الحج وما يحدق بها من مخاطر. والأمل ان تتحول كارثة شارع الجمرات الى جرس انذار يقنع الجميع، خصوصا السعوديين، بان للقوة والمال النفطي حدودا وان التعامل بوعي وحكمة وتوازن مع امور كهذه هو الطريق للخروج منها بسلام، لان البديل المزيد من الحروب والتصدع والتوتر والعداء.
إرسال تعليق