سعد الحريري قد يكون على موعد قضائي قريب في باريس. رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، قد يكون لديه ما يقوله لقاضي التحقيق الفرنسي بودوان توفانو، في «الملف سيدر»، وهو أوسع من ملف تبييض أموال مخدرات، يتشارك في ملاحقته مكتب مكافحة المخدرات الأميركي والقضاء الفرنسي، ويشمل حتى الآن خمسة لبنانيين موقوفين في فرنسا وألمانيا منذ كانون الثاني الماضي.
هذا التطور كشفت النقاب عنه، أمس، صحيفة «الأحد» الباريسية. الاستماع إلى الحريري، ومحاميه (المفترض) بشارة طربيه، جاء في طلب محامي الدفاع عن إثنين من المتهمين في القضية: علي زبيب وعبدالله محيو. القضية أطلقها مكتب مكافحة المخدرات الأميركي، بطلبه اعتقال اللبنانيين الخمسة في فرنسا في ٢٤ كانون الثاني الماضي وفي ألمانيا الأسبوع الماضي.
وقد ورد اسم سعد الحريري في القضية، بعد أن تفرع التحقيق الفرنسي من تثبيت اتهام أفراد الشبكة اللبنانية بتييض أموال «كارتل» الكوكايين في المكسيك وكولومبيا، ونقلها إلى لبنان عبر أوروبا، إلى تقصي حقيقة ما قاله علي زبيب للمحققين من أنه دفع عبر وسيط هو عبدالله محيو، مئة ألف يورو إلى بشارة طربيه محامي الحريري.
والأخطر أن زبيب ساق أمام المحققين، كما تقول صحيفة «الأحد» اتهامات نسبها لعضو آخر في الشبكة المعتقلة، وهو حسن طرابلسي المعتقَل في ألمانيا. قاضي التحقيق سأل زبيب، عما إذا كان سعد الحريري هو من تم تسليمه المبلغ. أجاب زبيب القاضي الفرنسي أن «المحامي (طربيه) هو من قال ذلك، وقد أفضى لي حسن طرابلسي أنه قام بتسليم طربيه ٧ ملايين يورو لسعد الحريري»!
محمد نورالدين الذي اعتقلته الشرطة الفرنسية في مطار شارل ديغول في كانون الثاني الماضي، قد يكون أبرز وجوه المجموعة. اللبناني الأربعيني يدير أعماله وكان يصدر أوامره من بيروت، مع صهره حمدي زهرالدين المحاسب في شركة «ترايد بوينت إنترناشيونال»، وكانت تدر هذه العمليات المالية عليه عمولة بنسبة ٢،٥ في المئة.
وحسب الصحيفة الفرنسية، كانت تُجرى عملية جمع حصيلة تجارة الكوكايين الكولومبية والمكسيكية في أوروبا عبر شبكة من العملاء. علي زبيب أولا، كان يسترد مع إبن زوجته علي منصور، مبالغ نقدية لإنفاقها على شراء ساعات ثمينة أحيانا، ترسل إلى بيروت لبيعها في محل للمجوهرات. زبيب نفسه أرسل ساعات ثمينة بقيمة ٨٠٠ ألف يورو إلى بيروت في العام ٢٠١٤.
تجارة السيارات المستعملة كانت من ضمن عمليات الشبكة، حسن طرابلسي كان يديرها من دوسلدورف، بمعية رجل الأعمال جميل خليل. وجميل خليل الملقب بـ «جيمي» (حسب الصحيفة الفرنسية)، كان يقوم بتجميع الأموال نقدا من إيطاليا وإسبانيا. وقال نورالدين في التحقيق إنه لا يعمل لنفسه، وإنما لحساب لبناني يدعى عباس ناصر متزوج من نجمة إعلامية لبنانية، ويملك محلا للصيرفة في نيجيريا، ونفى علاقته بـ «حزب الله».
بدأت الشبكة تنكشف في العام 2015، بعد أن اخترقها الأميركيون على ما تقوله الصحيفة الفرنسية، لكنها كانت تعمل منذ العام ٢٠١٢، وتضم مصرفيا لبنانيا أوقعه مكتب المخدرات الأميركي في الفخ عندما استطاع التجسس عليه وتصويره، في غرفة فندق باريسي في الشانزليزيه، كانت معدة مسبقا لهذا النوع من العمليات - وهو يتسلم مبلغ ١٤٠ ألف دولار من عملاء المكتب - للحصول على أدلة تدينه بالتواطؤ في غسل الأموال. ٨ ملايين يورو صادرتها الشرطة من الشبكة في بلجيكا. أحد أعضاء الشبكة علي ابراهيم الشيخ علي، عثرت الشرطة معه على نصف مليون يورو مخبأة في مقعد سيارته الـ «تويوتا». وقد اعتقلت الشرطة الفرنسية أعضاء الشبكة الواحد تلو الآخر، بطلب أميركي، ثم قامت بتجميد أموال نورالدين بتهمة تمويل الإرهاب، وغسل الأموال لمصلحة «حزب الله»، وهو ما نفاه نورالدين في التحقيق الفرنسي معه.
أما اتهام سعد الحريري بصلة مع الشبكة، فجاء بفضل عمليات التنصت في فرنسا. وبحسب الصحيفة الفرنسية، عززت أقوال علي زبيب جزئيا معطيات التنصت الهاتفي، وفيها أنه قام بتسليم مبالغ لبشارة طربيه، لكي يسلمها بدوره إلى سعد الحريري، وقد عثرت الشرطة الفرنسية، في لائحة المكالمات الهاتفية لزبيب، على رقمَي المحامي طربيه وفهد رفيق الحريري. ومنذ أيام يطالب داني اسكلنور وإيفان اتزكوفيتش، وهما محاميا زبيب ومحيو، بإجراء مواجهة بين موكليهما من جهة، وبين المحامي طربيه والرئيس الحريري من جهة ثانية.
الرد لم يتأخر على الصحيفة. فالمحامي طربيه نفى أي معرفة شخصية له بأي من زبيب أو محيو، لكنه يقول إنه كان مطلوبا للدفاع عن حسن طرابلسي، بطلب من السفارة اللبنانية في ألمانيا، في قضايا مخالفات سير، لكنه رفض الطلب لأن ذلك ليس من اختصاصه. أما الشقيقان سعد وفهد الحريري فتناوبا بالبيانات على نفي أي صلة لهما بكل ما نشرته الصحيفة، إذ قال فهد الحريري للصحيفة: «أنا رجل أعمال وأجني مداخيلي الوحيدة من أعمالي الاقتصادية الشفافة، وأضع نفسي بتصرف السلطات المختصة». أما الرئيس الحريري، فنفى أن يكون بشارة طربيه محاميه ونسبت له الصحيفة قوله: «ان لا علاقة مهنية أو شخصية تجمعه بطربيه».
يذكر أن مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة الإرهاب داني غليزر سيزور بيروت هذا الأسبوع، وستكون قضية هذه الشبكة والإجراءات التي يتخذها مصرف لبنان والمصارف اللبنانية لمحاربة جرائم تبييض الأموال وتمويل الإرهاب في صلب جدول أعمال مباحثاته التي ستشمل مسؤولين رسميين ومصرفيين.
محمد بلوط
هذا التطور كشفت النقاب عنه، أمس، صحيفة «الأحد» الباريسية. الاستماع إلى الحريري، ومحاميه (المفترض) بشارة طربيه، جاء في طلب محامي الدفاع عن إثنين من المتهمين في القضية: علي زبيب وعبدالله محيو. القضية أطلقها مكتب مكافحة المخدرات الأميركي، بطلبه اعتقال اللبنانيين الخمسة في فرنسا في ٢٤ كانون الثاني الماضي وفي ألمانيا الأسبوع الماضي.
وقد ورد اسم سعد الحريري في القضية، بعد أن تفرع التحقيق الفرنسي من تثبيت اتهام أفراد الشبكة اللبنانية بتييض أموال «كارتل» الكوكايين في المكسيك وكولومبيا، ونقلها إلى لبنان عبر أوروبا، إلى تقصي حقيقة ما قاله علي زبيب للمحققين من أنه دفع عبر وسيط هو عبدالله محيو، مئة ألف يورو إلى بشارة طربيه محامي الحريري.
والأخطر أن زبيب ساق أمام المحققين، كما تقول صحيفة «الأحد» اتهامات نسبها لعضو آخر في الشبكة المعتقلة، وهو حسن طرابلسي المعتقَل في ألمانيا. قاضي التحقيق سأل زبيب، عما إذا كان سعد الحريري هو من تم تسليمه المبلغ. أجاب زبيب القاضي الفرنسي أن «المحامي (طربيه) هو من قال ذلك، وقد أفضى لي حسن طرابلسي أنه قام بتسليم طربيه ٧ ملايين يورو لسعد الحريري»!
محمد نورالدين الذي اعتقلته الشرطة الفرنسية في مطار شارل ديغول في كانون الثاني الماضي، قد يكون أبرز وجوه المجموعة. اللبناني الأربعيني يدير أعماله وكان يصدر أوامره من بيروت، مع صهره حمدي زهرالدين المحاسب في شركة «ترايد بوينت إنترناشيونال»، وكانت تدر هذه العمليات المالية عليه عمولة بنسبة ٢،٥ في المئة.
وحسب الصحيفة الفرنسية، كانت تُجرى عملية جمع حصيلة تجارة الكوكايين الكولومبية والمكسيكية في أوروبا عبر شبكة من العملاء. علي زبيب أولا، كان يسترد مع إبن زوجته علي منصور، مبالغ نقدية لإنفاقها على شراء ساعات ثمينة أحيانا، ترسل إلى بيروت لبيعها في محل للمجوهرات. زبيب نفسه أرسل ساعات ثمينة بقيمة ٨٠٠ ألف يورو إلى بيروت في العام ٢٠١٤.
تجارة السيارات المستعملة كانت من ضمن عمليات الشبكة، حسن طرابلسي كان يديرها من دوسلدورف، بمعية رجل الأعمال جميل خليل. وجميل خليل الملقب بـ «جيمي» (حسب الصحيفة الفرنسية)، كان يقوم بتجميع الأموال نقدا من إيطاليا وإسبانيا. وقال نورالدين في التحقيق إنه لا يعمل لنفسه، وإنما لحساب لبناني يدعى عباس ناصر متزوج من نجمة إعلامية لبنانية، ويملك محلا للصيرفة في نيجيريا، ونفى علاقته بـ «حزب الله».
بدأت الشبكة تنكشف في العام 2015، بعد أن اخترقها الأميركيون على ما تقوله الصحيفة الفرنسية، لكنها كانت تعمل منذ العام ٢٠١٢، وتضم مصرفيا لبنانيا أوقعه مكتب المخدرات الأميركي في الفخ عندما استطاع التجسس عليه وتصويره، في غرفة فندق باريسي في الشانزليزيه، كانت معدة مسبقا لهذا النوع من العمليات - وهو يتسلم مبلغ ١٤٠ ألف دولار من عملاء المكتب - للحصول على أدلة تدينه بالتواطؤ في غسل الأموال. ٨ ملايين يورو صادرتها الشرطة من الشبكة في بلجيكا. أحد أعضاء الشبكة علي ابراهيم الشيخ علي، عثرت الشرطة معه على نصف مليون يورو مخبأة في مقعد سيارته الـ «تويوتا». وقد اعتقلت الشرطة الفرنسية أعضاء الشبكة الواحد تلو الآخر، بطلب أميركي، ثم قامت بتجميد أموال نورالدين بتهمة تمويل الإرهاب، وغسل الأموال لمصلحة «حزب الله»، وهو ما نفاه نورالدين في التحقيق الفرنسي معه.
أما اتهام سعد الحريري بصلة مع الشبكة، فجاء بفضل عمليات التنصت في فرنسا. وبحسب الصحيفة الفرنسية، عززت أقوال علي زبيب جزئيا معطيات التنصت الهاتفي، وفيها أنه قام بتسليم مبالغ لبشارة طربيه، لكي يسلمها بدوره إلى سعد الحريري، وقد عثرت الشرطة الفرنسية، في لائحة المكالمات الهاتفية لزبيب، على رقمَي المحامي طربيه وفهد رفيق الحريري. ومنذ أيام يطالب داني اسكلنور وإيفان اتزكوفيتش، وهما محاميا زبيب ومحيو، بإجراء مواجهة بين موكليهما من جهة، وبين المحامي طربيه والرئيس الحريري من جهة ثانية.
الرد لم يتأخر على الصحيفة. فالمحامي طربيه نفى أي معرفة شخصية له بأي من زبيب أو محيو، لكنه يقول إنه كان مطلوبا للدفاع عن حسن طرابلسي، بطلب من السفارة اللبنانية في ألمانيا، في قضايا مخالفات سير، لكنه رفض الطلب لأن ذلك ليس من اختصاصه. أما الشقيقان سعد وفهد الحريري فتناوبا بالبيانات على نفي أي صلة لهما بكل ما نشرته الصحيفة، إذ قال فهد الحريري للصحيفة: «أنا رجل أعمال وأجني مداخيلي الوحيدة من أعمالي الاقتصادية الشفافة، وأضع نفسي بتصرف السلطات المختصة». أما الرئيس الحريري، فنفى أن يكون بشارة طربيه محاميه ونسبت له الصحيفة قوله: «ان لا علاقة مهنية أو شخصية تجمعه بطربيه».
يذكر أن مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة الإرهاب داني غليزر سيزور بيروت هذا الأسبوع، وستكون قضية هذه الشبكة والإجراءات التي يتخذها مصرف لبنان والمصارف اللبنانية لمحاربة جرائم تبييض الأموال وتمويل الإرهاب في صلب جدول أعمال مباحثاته التي ستشمل مسؤولين رسميين ومصرفيين.
محمد بلوط
جريدة السفير
إرسال تعليق