في ظل بلوغ الصراع السياسي درجة من الشراسة، يتوقع المحللون انزلاق المتصارعين داخل الأسرة الحاكمة في الكويت إلى الخارج أكثر فأكثر، فالتصعيد والتأزيم انتقل من المجالس والكواليس وأروقة البرلمان وأعمدة الصحف إلى الشارع.
تثار في الكويت بين الحين والآخر مسألة الخلافة، ويطرح تساؤل عمن يكون ولي العهد الجديد إذا ما حدثت تطورات تؤدي إلى خروج الصباح من الحكم، ورغم إقرار مجلس الأمة الكويتي قانون توارث الإمارة، لكن ثمة مخاوف من أن تشهد الساحة السياسية الكويتية في الفترة المقبلة صراعًا بين جناحي أسرة آل الصباح الحاكمة، وهما جناح الأحمد وجناح السالم، خاصة أن بعض الشيوخ في مناصب حكومية بارزة يسعون لاقتناص منصب ولي العهد في مرحلة ما بعد “حكم الشيخ نواف الأحمد”، الذي يفترض أن يحكم البلاد بعد الأمير الحالي صباح الأحمد. وقد بدأ عدد من الصحف الكويتية، مثل القبس، المعروفة بعلاقاتها مع الشيوخ في الأسرة الحاكمة، في تسليط الضوء على الخلافات بين هؤلاء الشيوخ.
كيف تسير أمور الحكم في الكويت؟
حسب دستور البلاد تعتبر الكويت، إمارة وراثية في ذرية مبارك الصباح الذي حكم الكويت ما بين 1896 – 1915، ويعين ولي العهد خلال سنة على الأكثر من تولية الأمير، ويكون تعيينه بأمر أميري بناءً على تزكية الأمير ومبايعة من مجلس الأمة تتم في جلسة خاصة بموافقة أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس.
لقد ظل تبادل الإمارة في الكويت بين فرعي جابر المبارك وسالم المبارك متوارثًا لتسعة عقود، ولكن الآن فرع أخيهم الثالث حمد المبارك يبدو أنه يريد حصته في تلك الإمارة.
والمطروح الآن ولاعتبارات السن والمرض بالنسبة لأمير الكويت صباح الأحمد (85 عامًا) مشاورات داخل أسرة آل الصباح بعيدة عن أنظار العامة، يتوقع أن تخرج بالنموذج السعودي بتعيين ولي عهد ثانٍ، ومن فرع غير فرع آل الجابر، حيث واقع الحال يشير إلى فرع الحمد المبارك الذي لم يسبق له تولي الإمارة كإخوته الآخرين من فرعي جابر وسالم.
أخطر ما كُشف عن فساد الأسرة الحاكمة الكويتية؟
في ديسمبر 2013 بث شريط يحتوي على معلومات وبيانات تدين بعض الأشخاص بالتآمر لقلب نظام الحكم في الكويت، والطعن في حقوق وسلطات أميرها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح سمي بـ”شريط مؤامرة الفتنة”.
قدم هذا الشريط الوزير السابق الشيخ أحمد الفهد لأمير الكويت عوضًا عن القضاء الكويتي، وهو ما يرجح أن الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح هو من أمر شخصيًّا بتحويل القضية إلى النيابة العامة، ويكشف الفيديو حسب المراقبين عن تنامي حدة الصراع على خلافة أمير الكويت، حتى ولو تطلب الأمر مغامرة خطيرة مثل الانقلاب عليه.
كما كشف تسجيل صوتي نشر في بداية أبريل 2013 ونسب لرئيس مجلس الأمة السابق جاسم الخرافي ولرئيس الوزراء السابق ناصر المحمد تحدثا فيه عن “وجود شريط صوتي لدى الشيخ أحمد الفهد (وزير كويتي سابق) سيتقدم به إلى أمير الكويت”، وفيه تتحدث “شخصيات كويتية بارزة” في الشأن المحلي السياسي والمالي وأسرة الحكم “مؤامرة لزعزعة الاستقرار وإحداث تغييرات في نظام الحكم”.
ويقول المراقبون إنه بعد هذا الشريط لم يعد بالإمكان أن “ينكر أحد وجود خلافات عميقة داخل الأسرة الكويتية الحاكمة نشأت بسبب تنافس بعض أبنائها، وهو تنافس تحول إلى “صراع امتد إلى جميع المؤسسات، وتسبب في تدهور الوضع السياسي في البلد”. ويؤكد هؤلاء أن “استمرار خلافات أبناء الأسرة بهذه الطريقة سيعني المزيد من التدهور لوضع البلد، واستنزاف ثرواته”.
يشار إلى أن الشارع الكويتي قد فوجئ بخروج الشيخ أحمد الفهد الصباح للاعتذار بشريط مصور بثه تلفزيون الكويت “على ما بدر منه من بث معلومات خاطئة ومغلوطة ثبت فيما بعد عدم صحتها وتراجعه عن كل الاتهامات التي وجهها”، وإقراره بعدم صحة الأشرطة التي قدمها للنائب العام فيما يعرف بقضية «بلاغ الكويت» بناءً على آراء الفنيين الذين استعان بهم القضاء!!
ما هو دور الثروة والمال في الصراع القائم في الكويت؟
الصراع بين أسرة الحكم في الكويت، وطبقة التجار من أجل السلطة والثروة تاريخي، بدأت ملامحه عندما أراد الشيخ مبارك الصباح «مبارك الكبير» بتحقيق حلمه بوضع الأسس المتينة لبناء الدولة، والذي دائمًا ما كان التجار يحاولون التصدي له قبل أن يتقلد مقاليد الحكم، وذلك نتيجة سيطرتهم ونفوذهم الاقتصادي والسياسي في تلك المرحلة.
ما سبق حسب مؤلف كتاب يحمل عنوان «الكويت.. جدلية الصراع الثروة» دفع «مبارك الكبير» بكل حزم وقوة إلى فرض الضرائب والرسوم على التجار، وذلك في محاولة منه لإيجاد إيراد حقيقي ومستمر لتغطية مختلف نفقات الدولة، وكان ردة فعل التجار المتضررين من تلك السياسات الجديدة هجرة بعضهم وتشكيل ما يعرف بمعارضة «مبارك الكبير» من الخارج وتحديدًا من العراق، والبعض الآخر التزم الصمت وبدأ يشتغل بالتجارة عن طريق التهريب كمحاولة للتهرب الضريبي.
وبعد وفاة الشيخ «مبارك الكبير» وانتهاء فترة حكم أبنائه «سالم وجابر» التي لم تستمر طويلًا، استلم الحكم الشيخ «أحمد الجابر»، والذي اتسمت فترة حكمة بمنعطفات خطيرة، حاول التجار «أو الإقطاعيون» فيها العودة بكل قوة بعد فترة تهميش عانوا منها في فترة حكم الشيخ «مبارك الكبير».
عادوا وبسطوا نفوذهم مرة أخرى على الدولة ومقدراتها خصوصًا في مرحلة اكتشاف الذهب الأسود «النفط»، وفي محاولة منهم للسيطرة، رفعوا شعار المشاركة الشعبية في الحكم من خلال ما يعرف بالمجالس التمثيلية أو التشريعية، هم من وضعوا الأنظمة الانتخابية، والقوائم الانتخابية، وكان الترشح محصورًا عليهم، مما أدى في النهاية إلى سيطرتهم على الدولة ومفاصلها مرة أخرى.
وأتت نقطة الصفر للسيطرة على مقاليد السياسية حسب مؤلف كتاب «الكويت.. جدلية الصراع الثروة» فيما عرف اصطلاحًا «بالثورة البرجوازية» عندما نشب الخلاف بين الحاكم والمجلس التشريعي حول مطالبة الحاكم تسليم السلاح له بعد أن أشار عليه بذلك حلفاؤه البريطانيون، حيث تمركز التجار وحلفاؤهم والمقربون منهم في موقعي قصر نايف وسوق التجار، إلا أن ونتيجة لموروث «الشيخ مبارك الكبير» وتحديدًا في مؤسسته العسكرية المكونة من أبناء البادية والكادحين وأبناء البحارة البسطاء استطاع «الشيخ أحمد الجابر» مواجهة تلك الأحداث وكبح جماح تلك الأطماع.
وبعد وفاة «الشيخ أحمد الجابر» تقلد مسند الإمارة «الشيخ عبد الله السالم» والذي يعتبر قريبًا جدًا من فئة التجار «أو الإقطاعيين» حيث اعتبرت هذه المرحلة عصرهم الذهبي.
الشاهد من ذلك كله كما يقول الكاتب د.فيصل المناور إن دستور دولة الكويت لم يكن للمكون الشعبي دورًا في وضعه، بل هو عقد صلح بين طرفي المعادلة السياسية (الأسرة الحاكمة والتجار ورجال الأعمال)، مستمر حتى وقتنا هذا، متسائلًا: انظروا إلى واقعنا، من هم الفئات التي تعين على رأس المؤسسات الهامة في دولة الكويت، كالشركات النفطية وهيئات الاستثمار وغيرها، لماذا التمسك بشرط الوكيل المحلي لتنفيذ المشروعات العامة للدولة؟
ما هي أسباب الاضطرابات المتتالية في الشارع الكويتي؟
بعد الغزو العراقي للكويت 1990 بعامين أجريت انتخابات كويتية، ظهر فيها محاولات العبث بالنظام الانتخابي والإخلال بتركيبة أعضاء مجلس الأمة من خلال استخدام المال السياسي والإغراءات، إضافة إلى تقسيم الدوائر الانتخابية إلى خمس وعشرين دائرة، التي أتاحت الفرصة للاستقطابات الطائفية والقبلية والفئوية والإقليمية.
وفي 2006، تشكلت الحركة الشبابية القوية مطالبة بتقسيم الدوائر إلى خمس، وهو ما عرف بحركة “نبيها خمس”، وهذا ما تم بالفعل، حيث قدم مجلس الوزراء استقالته وحل مجلس الأمة، وجرت الانتخابات بناء على نظام الدوائر الخمسة، بيد أن السلطة والمجلس ظلا في حالة تأزم سياسي جراء محاولات السلطة للتأثير على الانتخابات النيابية من أجل مخرجات تضمن لها غطاءً نيابيًّا في البرلمان بكل الطرق والوسائل.
وكان من شأن تلك الأزمات المتلاحقة أن تثير الشارع الكويتي، فاضطرت السلطة إلى اللجوء إلى الإجراءات الأمنية القمعية، ولكن ذلك زاد من غضب الشارع واتسعت حركة الاحتجاجات الشعبية، كما جرت في العامين الماضيين أوسع إضرابات مطالبة بتحقيق العدالة بالأجور، وعلى أثر الثورات العربية في كل من تونس ومصر أولًا، تشكل واقع جديد وسيكولوجية جديدة للجماهير، فتراجعت حالة الهجوم السلطوية وتخلت مؤقتًا عن استخدام الحلول الأمنية، ولكنها لم تتخلَ عن نهجها المعادي للديموقراطية ونهج الفساد والإفساد وتمييز الحلف الطبقي بشتى التشريعات والإجراءات.
ما هو موقف المعارضة الكويتية من الفساد الحكومي؟
تولت المعارضة الكويتية، مهمة كشف الفساد في الحكومة في أكثر من حادثة، أشهرها عملية كشف عدد من الوثائق تشير إلى تورط مسؤولين، وأعضاء في الأسرة الحاكمة في الكويت في تهم فساد بمليارات الدولارات، وتحويلات مالية إلى إسرائيل والتخابر مع إيران.
حيث أعلنت المعارضة الكويتية الحرب على ظاهرة الفساد التي كلفت الكويت عشرات المليارات من الدولارات من الأموال العامة تورط فيها بعض المسؤولين البارزين، ففي أحد مسيرات المعارضة قال زعيم المعارضة وعضو البرلمان السابق مسلم البراك إنهم بدأوا حربًا مفتوحة حقيقية ضد الفساد، مؤكدًا أن عددًا من المسؤولين السابقين في الحكومة سرقوا ما يقرب من 50 مليار دولار وأودعوها في حساباتهم في بنوك أجنبية في عدة دول بينها إسرائيل، ولدعم كلامه قام البراك بعرض صور لمستندات على شاشة كبيرة خلال المسيرة، وقال إنها صور من حسابات بعض هؤلاء المسؤولين توضح تحويلات مالية إيداعات ضخمة في هذه الحسابات.
كما تلعب هذه المعارضة دورًا هامًا في الصراع داخل الأسرة الحاكمة الكويتية، ففي السابق أوقفت السلطات الكويتية فردين من أسرة آل الصباح الحاكمة لإطلاقهما تغريدات على تويتر ينتقدان فيها الحكومة ويدعمان المعارضة، حيث تم توقيف الشيخ عبد الله سالم الصباح والشيخ نواف مالك الصباح بسبب تعبيرهما عن وجهة نظر سياسية على تويتر، حسب ما نقله المركز المستقل لحقوق الإنسان في الكويت، وكان الشابان المنتميان للأسرة المالكة قد نشرا على تويتر تغريدات داعمة للمعارضة عند تنظيمها مسيرات احتجاجية على تعديل القانون الانتخابي.
تثار في الكويت بين الحين والآخر مسألة الخلافة، ويطرح تساؤل عمن يكون ولي العهد الجديد إذا ما حدثت تطورات تؤدي إلى خروج الصباح من الحكم، ورغم إقرار مجلس الأمة الكويتي قانون توارث الإمارة، لكن ثمة مخاوف من أن تشهد الساحة السياسية الكويتية في الفترة المقبلة صراعًا بين جناحي أسرة آل الصباح الحاكمة، وهما جناح الأحمد وجناح السالم، خاصة أن بعض الشيوخ في مناصب حكومية بارزة يسعون لاقتناص منصب ولي العهد في مرحلة ما بعد “حكم الشيخ نواف الأحمد”، الذي يفترض أن يحكم البلاد بعد الأمير الحالي صباح الأحمد. وقد بدأ عدد من الصحف الكويتية، مثل القبس، المعروفة بعلاقاتها مع الشيوخ في الأسرة الحاكمة، في تسليط الضوء على الخلافات بين هؤلاء الشيوخ.
حسب دستور البلاد تعتبر الكويت، إمارة وراثية في ذرية مبارك الصباح الذي حكم الكويت ما بين 1896 – 1915، ويعين ولي العهد خلال سنة على الأكثر من تولية الأمير، ويكون تعيينه بأمر أميري بناءً على تزكية الأمير ومبايعة من مجلس الأمة تتم في جلسة خاصة بموافقة أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس.
لقد ظل تبادل الإمارة في الكويت بين فرعي جابر المبارك وسالم المبارك متوارثًا لتسعة عقود، ولكن الآن فرع أخيهم الثالث حمد المبارك يبدو أنه يريد حصته في تلك الإمارة.
والمطروح الآن ولاعتبارات السن والمرض بالنسبة لأمير الكويت صباح الأحمد (85 عامًا) مشاورات داخل أسرة آل الصباح بعيدة عن أنظار العامة، يتوقع أن تخرج بالنموذج السعودي بتعيين ولي عهد ثانٍ، ومن فرع غير فرع آل الجابر، حيث واقع الحال يشير إلى فرع الحمد المبارك الذي لم يسبق له تولي الإمارة كإخوته الآخرين من فرعي جابر وسالم.
في ديسمبر 2013 بث شريط يحتوي على معلومات وبيانات تدين بعض الأشخاص بالتآمر لقلب نظام الحكم في الكويت، والطعن في حقوق وسلطات أميرها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح سمي بـ”شريط مؤامرة الفتنة”.
قدم هذا الشريط الوزير السابق الشيخ أحمد الفهد لأمير الكويت عوضًا عن القضاء الكويتي، وهو ما يرجح أن الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح هو من أمر شخصيًّا بتحويل القضية إلى النيابة العامة، ويكشف الفيديو حسب المراقبين عن تنامي حدة الصراع على خلافة أمير الكويت، حتى ولو تطلب الأمر مغامرة خطيرة مثل الانقلاب عليه.
كما كشف تسجيل صوتي نشر في بداية أبريل 2013 ونسب لرئيس مجلس الأمة السابق جاسم الخرافي ولرئيس الوزراء السابق ناصر المحمد تحدثا فيه عن “وجود شريط صوتي لدى الشيخ أحمد الفهد (وزير كويتي سابق) سيتقدم به إلى أمير الكويت”، وفيه تتحدث “شخصيات كويتية بارزة” في الشأن المحلي السياسي والمالي وأسرة الحكم “مؤامرة لزعزعة الاستقرار وإحداث تغييرات في نظام الحكم”.
ويقول المراقبون إنه بعد هذا الشريط لم يعد بالإمكان أن “ينكر أحد وجود خلافات عميقة داخل الأسرة الكويتية الحاكمة نشأت بسبب تنافس بعض أبنائها، وهو تنافس تحول إلى “صراع امتد إلى جميع المؤسسات، وتسبب في تدهور الوضع السياسي في البلد”. ويؤكد هؤلاء أن “استمرار خلافات أبناء الأسرة بهذه الطريقة سيعني المزيد من التدهور لوضع البلد، واستنزاف ثرواته”.
يشار إلى أن الشارع الكويتي قد فوجئ بخروج الشيخ أحمد الفهد الصباح للاعتذار بشريط مصور بثه تلفزيون الكويت “على ما بدر منه من بث معلومات خاطئة ومغلوطة ثبت فيما بعد عدم صحتها وتراجعه عن كل الاتهامات التي وجهها”، وإقراره بعدم صحة الأشرطة التي قدمها للنائب العام فيما يعرف بقضية «بلاغ الكويت» بناءً على آراء الفنيين الذين استعان بهم القضاء!!
الصراع بين أسرة الحكم في الكويت، وطبقة التجار من أجل السلطة والثروة تاريخي، بدأت ملامحه عندما أراد الشيخ مبارك الصباح «مبارك الكبير» بتحقيق حلمه بوضع الأسس المتينة لبناء الدولة، والذي دائمًا ما كان التجار يحاولون التصدي له قبل أن يتقلد مقاليد الحكم، وذلك نتيجة سيطرتهم ونفوذهم الاقتصادي والسياسي في تلك المرحلة.
ما سبق حسب مؤلف كتاب يحمل عنوان «الكويت.. جدلية الصراع الثروة» دفع «مبارك الكبير» بكل حزم وقوة إلى فرض الضرائب والرسوم على التجار، وذلك في محاولة منه لإيجاد إيراد حقيقي ومستمر لتغطية مختلف نفقات الدولة، وكان ردة فعل التجار المتضررين من تلك السياسات الجديدة هجرة بعضهم وتشكيل ما يعرف بمعارضة «مبارك الكبير» من الخارج وتحديدًا من العراق، والبعض الآخر التزم الصمت وبدأ يشتغل بالتجارة عن طريق التهريب كمحاولة للتهرب الضريبي.
وبعد وفاة الشيخ «مبارك الكبير» وانتهاء فترة حكم أبنائه «سالم وجابر» التي لم تستمر طويلًا، استلم الحكم الشيخ «أحمد الجابر»، والذي اتسمت فترة حكمة بمنعطفات خطيرة، حاول التجار «أو الإقطاعيون» فيها العودة بكل قوة بعد فترة تهميش عانوا منها في فترة حكم الشيخ «مبارك الكبير».
عادوا وبسطوا نفوذهم مرة أخرى على الدولة ومقدراتها خصوصًا في مرحلة اكتشاف الذهب الأسود «النفط»، وفي محاولة منهم للسيطرة، رفعوا شعار المشاركة الشعبية في الحكم من خلال ما يعرف بالمجالس التمثيلية أو التشريعية، هم من وضعوا الأنظمة الانتخابية، والقوائم الانتخابية، وكان الترشح محصورًا عليهم، مما أدى في النهاية إلى سيطرتهم على الدولة ومفاصلها مرة أخرى.
وأتت نقطة الصفر للسيطرة على مقاليد السياسية حسب مؤلف كتاب «الكويت.. جدلية الصراع الثروة» فيما عرف اصطلاحًا «بالثورة البرجوازية» عندما نشب الخلاف بين الحاكم والمجلس التشريعي حول مطالبة الحاكم تسليم السلاح له بعد أن أشار عليه بذلك حلفاؤه البريطانيون، حيث تمركز التجار وحلفاؤهم والمقربون منهم في موقعي قصر نايف وسوق التجار، إلا أن ونتيجة لموروث «الشيخ مبارك الكبير» وتحديدًا في مؤسسته العسكرية المكونة من أبناء البادية والكادحين وأبناء البحارة البسطاء استطاع «الشيخ أحمد الجابر» مواجهة تلك الأحداث وكبح جماح تلك الأطماع.
وبعد وفاة «الشيخ أحمد الجابر» تقلد مسند الإمارة «الشيخ عبد الله السالم» والذي يعتبر قريبًا جدًا من فئة التجار «أو الإقطاعيين» حيث اعتبرت هذه المرحلة عصرهم الذهبي.
الشاهد من ذلك كله كما يقول الكاتب د.فيصل المناور إن دستور دولة الكويت لم يكن للمكون الشعبي دورًا في وضعه، بل هو عقد صلح بين طرفي المعادلة السياسية (الأسرة الحاكمة والتجار ورجال الأعمال)، مستمر حتى وقتنا هذا، متسائلًا: انظروا إلى واقعنا، من هم الفئات التي تعين على رأس المؤسسات الهامة في دولة الكويت، كالشركات النفطية وهيئات الاستثمار وغيرها، لماذا التمسك بشرط الوكيل المحلي لتنفيذ المشروعات العامة للدولة؟
بعد الغزو العراقي للكويت 1990 بعامين أجريت انتخابات كويتية، ظهر فيها محاولات العبث بالنظام الانتخابي والإخلال بتركيبة أعضاء مجلس الأمة من خلال استخدام المال السياسي والإغراءات، إضافة إلى تقسيم الدوائر الانتخابية إلى خمس وعشرين دائرة، التي أتاحت الفرصة للاستقطابات الطائفية والقبلية والفئوية والإقليمية.
وفي 2006، تشكلت الحركة الشبابية القوية مطالبة بتقسيم الدوائر إلى خمس، وهو ما عرف بحركة “نبيها خمس”، وهذا ما تم بالفعل، حيث قدم مجلس الوزراء استقالته وحل مجلس الأمة، وجرت الانتخابات بناء على نظام الدوائر الخمسة، بيد أن السلطة والمجلس ظلا في حالة تأزم سياسي جراء محاولات السلطة للتأثير على الانتخابات النيابية من أجل مخرجات تضمن لها غطاءً نيابيًّا في البرلمان بكل الطرق والوسائل.
وكان من شأن تلك الأزمات المتلاحقة أن تثير الشارع الكويتي، فاضطرت السلطة إلى اللجوء إلى الإجراءات الأمنية القمعية، ولكن ذلك زاد من غضب الشارع واتسعت حركة الاحتجاجات الشعبية، كما جرت في العامين الماضيين أوسع إضرابات مطالبة بتحقيق العدالة بالأجور، وعلى أثر الثورات العربية في كل من تونس ومصر أولًا، تشكل واقع جديد وسيكولوجية جديدة للجماهير، فتراجعت حالة الهجوم السلطوية وتخلت مؤقتًا عن استخدام الحلول الأمنية، ولكنها لم تتخلَ عن نهجها المعادي للديموقراطية ونهج الفساد والإفساد وتمييز الحلف الطبقي بشتى التشريعات والإجراءات.
ما هو موقف المعارضة الكويتية من الفساد الحكومي؟
تولت المعارضة الكويتية، مهمة كشف الفساد في الحكومة في أكثر من حادثة، أشهرها عملية كشف عدد من الوثائق تشير إلى تورط مسؤولين، وأعضاء في الأسرة الحاكمة في الكويت في تهم فساد بمليارات الدولارات، وتحويلات مالية إلى إسرائيل والتخابر مع إيران.
حيث أعلنت المعارضة الكويتية الحرب على ظاهرة الفساد التي كلفت الكويت عشرات المليارات من الدولارات من الأموال العامة تورط فيها بعض المسؤولين البارزين، ففي أحد مسيرات المعارضة قال زعيم المعارضة وعضو البرلمان السابق مسلم البراك إنهم بدأوا حربًا مفتوحة حقيقية ضد الفساد، مؤكدًا أن عددًا من المسؤولين السابقين في الحكومة سرقوا ما يقرب من 50 مليار دولار وأودعوها في حساباتهم في بنوك أجنبية في عدة دول بينها إسرائيل، ولدعم كلامه قام البراك بعرض صور لمستندات على شاشة كبيرة خلال المسيرة، وقال إنها صور من حسابات بعض هؤلاء المسؤولين توضح تحويلات مالية إيداعات ضخمة في هذه الحسابات.
كما تلعب هذه المعارضة دورًا هامًا في الصراع داخل الأسرة الحاكمة الكويتية، ففي السابق أوقفت السلطات الكويتية فردين من أسرة آل الصباح الحاكمة لإطلاقهما تغريدات على تويتر ينتقدان فيها الحكومة ويدعمان المعارضة، حيث تم توقيف الشيخ عبد الله سالم الصباح والشيخ نواف مالك الصباح بسبب تعبيرهما عن وجهة نظر سياسية على تويتر، حسب ما نقله المركز المستقل لحقوق الإنسان في الكويت، وكان الشابان المنتميان للأسرة المالكة قد نشرا على تويتر تغريدات داعمة للمعارضة عند تنظيمها مسيرات احتجاجية على تعديل القانون الانتخابي.
إرسال تعليق