بقلم /تحسين يقين
آه من مجلس الأمن الذي ما زال ضميره لا يؤنبه تجاه الانتصار لقضية فلسطين الواضح الغبن الشديد في التعامل معها، والذي يعني التضامن مع الاحتلال، إلا إذا أصبح تفسير الاحتلال له دلالات أخرى!newsوآه من الولايات المتحدة وأستراليا، الدولتين اللتين عارضتا استقلاننا.
وآه من بريطانيا، وليتوانيا ونيجيريا وجمهورية كوريا، ورواندا، الدول التي امتنعت عن التصويت لصالحنا.
وشكرا للأرجنتين، وتشاد، وشيلي، والصين، وفرنسا، والأردن، ولوكسمبورج، والاتحاد الروسي، الدول التي صوتت لصالح مشروعنا الوطني في التحرر والاستقلال بإنهاء الاحتلال.
تشكل قضية فلسطين تحديا أخلاقيا وقانونيا لمجلس الأمن، ولن يصبح له الاحترام الكافي ما دامت فلسطين محتلة، كما أن عليه وعلى المؤسسة الأممية مسؤولية كبرى بإنهاء الاحتلال، بل تلك هي رسالة وهدف الأمم المتحدة، فبأي عين ستنظر الأمم المتحدة في عيوننا إذا كانت أصلا غير قادرة على تطبيق أهدافها، ومواثيقها التي يجمعها إنهاء الاحتلال بالقوة وحق تقرير مصير الشعوب؟!
كما تشكل قضية فلسطين تحديا خلقيا للولايات المتحدة، التي ترتبط بالدول العربية بعلاقات ودّ وصداقة، وهذا يضع مصداقيتها على المحك.
ولا نقتنع بأن التحالف الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وإسرائيل يمنعها من دعم المشروع الفلسطيني، الذي هو مشروع استقرار وسلام للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، فكل ما ورد فيه مشروع وقانوني وأخلاقي وإنساني وعقلاني منفتح أيضا.
لقد بررت المندوبة الأميركية في مجلس الأمن سامنثا باور معارضتها للمشروع من منطلق أن "تقديم المشروع الفلسطيني خطوة أحادية غير بناءة وتزيد خطورة الوضع، والولايات المتحدة تدعم قرارات الأمم المتحدة بحل الدولتين وتشجع الفلسطينيين والإسرائيليين على التفاوض"؛ فهل هذه معارضة مقنعة؟
كيف يكون مشروع إنهاء الاحتلال خطوة أحادية غير بناءة؟ وكيف تزيد خطورة الوضع؟
وهل هذه المعارضة الأمريكية للمشروع الفلسطيني تصب في دعم قرارات الأمم المتحدة بحل الدولتين وتشجع الفلسطينيين والإسرائيليين على التفاوض؟
كيف نحترم ونقتنع ما نسمعه والولايات المتحدة هي الشاهدة الأكثر دراية بما حدث من تفاصيل المفاوضات بيننا وبين الإسرائيليين؟
فشل مجلس الأمن في تمرير مشروع من أنبل المشاريع السياسية في التاريخ المعاصر، كونه مشروعا ينهي الاحتلال، وبالتالي ينهي حالة الصراع في المنطقة، باعتبار قضية فلسطين هي قضية عربية. وهو فشل جديد يضاف لفشله القديم منذ عقود، فكم من قرارات صدرت أصلا ولم تر النور بمبرر أنها غير ملزمة!
وهو فشل للولايات المتحدة يشير إلى عدم قدرتها على الضغط الحقيقي على إسرائيل لتنهي احتلالها.
أما أستراليا، فلا نعرف ما الذي بيننا وبين هذه الدول البعيدة؟ قد يبدو التساؤل ساذجا في ظل منطلقات العلاقات الدولية والتحالفات، ولكن هذا الموقف يدفعنا للتفكير ليس فقط بالقضية الفلسطينية، بل بالقضايا العربية ومصالحنا الإستراتيجية وكرامتنا أولا وأخيرا.
كان بإمكان أستراليا أن تمتنع عن التصويت، ولكن معارضتها تدل على مدى حجم وجودنا العربي وحضوره عالميا، فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بالكرامة أيضا. وتلك مسؤوليتنا القومية في إثبات ذاتنا.
لنتأمل مفارقة امتناع نيجيريا الدولة الإسلامية عن التصويت على المشروع الفلسطيني-العربي، (والإسلامي أيضا) وموافقة دول في الاتحاد الأوروبي، مثل فرنسا ولوكسمبورغ، لصالح مشروع القرار!
الموقف النيجيري! لا أجد ما أقوله غير ما اعتبرته المندوبية الدائمة لدولة فلسطين لدى منظمة التعاون الإسلامي، في بيانها الذي صدر فور التصويت، بأن "امتناع نيجيريا عن التصويت لصالح مشروع القرار العربي الهادف إلى وضع سقف زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، بمثابة خذلان كبير للقضية الفلسطينية، وتراجع غير محمود في الموقف التاريخي النيجيري الداعم للقضية الفلسطينية".
لقد خرجت تصريحات قبل التصويت بقليل تؤكد تأمين فلسطين 9 أصوات بما فيها نيجيريا الدولة الشقيقة، لكنها تراجعت عن تأييدها للقرار في اللحظات الأخيرة فامتنعت عن التصويت. فما الذي دفع بنيجيريا إلى هذا الموقف المتخاذل؟ مرة أخرى أقول تلك مسؤوليتنا التي أوصلتنا عربيا إلى هذه الحالة.
أما امتناع بريطانيا عن التصويت، فهو يثير تساؤلا مستمرا، حول مدى التغيير الفعلي في الساسة البريطانية تجاه فلسطين، خصوصا أن بريطانيا تتحمّل مسؤولية تجاه فلسطين، كونها الدولة كانت المنتدبة، والتي كان عليها إيصال فلسطين إلى الاستقلال.
كما أن بريطانيا بحاجة للتخلص من الإرث الاستعماري القديم، ودورها في نشوء القضية الفلسطينية، في ظل تطور العلاقات العربية مع بريطانيا، وصدق النوايا العربية في هذه العلاقات. لكن تلك أيضا مسؤوليتنا في محدودية تأثيرنا السياسي عليها.
أما ما تبقى من الدول الممتنعة عن التصويت، وهي وليتوانيا وجمهورية كوريا، ورواندا، فإن علينا فلسطينيين وعربا زيارة هذه الدول والالتقاء بزعمائها، ووزراء الخارجية فيها، لعرض قضيتنا العادلة، التي تستحق الدعم الصريح، فليس هناك ما يتطلب الامتناع عن التصويت، والممتنع عن قول الحق يعني تقبله.
ثلاث دول عظمى صوتت مع المشروع، فرنسا والصين وروسيا، هذا إنجاز لهذه الدول، في استقلاليتها، وصونها لكرامتها، وإعلان موقفها الصريح من الاحتلال.
وفي تصويت هذه الدول الثلاث دلالات:
فرنسا، بما تملك من علاقات قديمة مع إسرائيل، فإنها تحرص على العلاقات المتوازنة مع العرب، وهي دولة تشذ عن منطق من ليس معي فهو ضدي، بمعنى ان فرنسا صديق لإسرائيل، ولكن هذا لا يعني الموافقة العمياء على سياستها، وهذه بنظري صداقة حقيقية، أن يقول الصديق لصديقه الحقيقة والحق. إنه موقف الدولة في فرنسا، وليس موقف الأحزاب، وهذا احترام للأحزاب بما فيها اليمين لموقف فرنسا الأخلاقي من الاحتلال.
أما موقف لوكسمبورغ المؤيد للقرار، فهو يثير الأمل، فهذه الدولة الأوروبية الغربية، تحترم نفسها، ومن الممكن مستقبلا أن تتقدم المواقف الأوروبية أكثر فأكثر، لعل ذلك يكون ضاغطا على إسرائيل، للانصياع لحق تقرير الشعوب، فلا يمكن أن يستمر الاحتلال.
روسيا والصين كذلك، ترتبطان بإسرائيل بعلاقات مختلفة، ولكن عند الجدّ فإن روسيا هي روسيا، والصين هي كذلك لا تقبلان أن تكونا صغيرتين، لذلك لا تخشيان من إعلان موقفهما، وهو موقف حكيم وعقلاني، فلا يمكن أن تصغرا لإرضاء لأي دولة، لا إسرائيل ولا غيرها، وتلك هي الدول التي تحترم نفسها، بالثقة في النفس، والقدرة والتأثير، بما تملكان من مقومات حضارية وسياسية ومادية.
إن تصويت الأرجنتين، وشيلي، يدلل على أن جهود الدبلوماسية الفلسطينية في أمريكا الجنوبية اللاتينية في الفترة الأخيرة أثمرت، وما زالت تتقدّم، مما يعني ببساطة أن التخطيط هو أساس العمل، وأن قيامنا بمسؤولياتنا الدبلوماسية، هو ما أدى إلى هذه الثمار، ومسؤوليتنا لا تتوقف عند اليوم فقط، بل غدا، لأن الصراع صعب ومرير.
أما تشاد الإسلامية الشقيقة، فتمثّل الدول الإسلامية والإفريقية إلى حدّ كبير، ولكن يبدو أننا إزاء تحدّ في الدائرتين الإسلامية والإفريقية، خصوصا في ظل موقفي نيجيريا الإسلامية ورواندا الإفريقية، وتلك مسؤوليتنا أيضا.
ولنا هنا أن نقدّر عاليا الأردن الشقيق الذي يقود الموقف العربي في هذه المعركة في أروقة مجلس الأمن. لقد كانت مندوبة الأردن في مجلس الأمن السفيرة دينا قعوار شجاعة وجريئة حين ردّت على المندوبة الأميركية في مجلس الأمن السفيرة سامنثا باور ، بقولها بأنّ "مشروع القرار العربي ليس قرارا أحاديا"، غير مستسلمة لعدم تبني المشروع الفلسطيني، مؤكدة بأن هذه الجهود ستتواصل لحل الصراع.
لقد كررت وراء استعراض مواقف الدول الأعضاء في مجلس الأمن ال15، حديثي عن مسؤوليتنا العربية، لأن القضايا العربية تشمل فلسطين وغيرها، وآن الأوان للتأكيد على الحلقة القومية لتكون الأقوى في الحلقات الأخرى. وهذا طريق الخلاص القومي والقطري، فقط لنعمل ونواصل العمل، ففصل الإثمار تسبقه فصول رعاية الشجر. والربيع الذي نعرفه بخضرته وزهره هو الأمل بأن ما يتلوه هو ثمرة أهدافنا المشروعة في التحرر والعدالة والتنمية والكرامة.
Ytahseen2001@yahoo.com
آه من مجلس الأمن الذي ما زال ضميره لا يؤنبه تجاه الانتصار لقضية فلسطين الواضح الغبن الشديد في التعامل معها، والذي يعني التضامن مع الاحتلال، إلا إذا أصبح تفسير الاحتلال له دلالات أخرى!newsوآه من الولايات المتحدة وأستراليا، الدولتين اللتين عارضتا استقلاننا.
وآه من بريطانيا، وليتوانيا ونيجيريا وجمهورية كوريا، ورواندا، الدول التي امتنعت عن التصويت لصالحنا.
وشكرا للأرجنتين، وتشاد، وشيلي، والصين، وفرنسا، والأردن، ولوكسمبورج، والاتحاد الروسي، الدول التي صوتت لصالح مشروعنا الوطني في التحرر والاستقلال بإنهاء الاحتلال.
تشكل قضية فلسطين تحديا أخلاقيا وقانونيا لمجلس الأمن، ولن يصبح له الاحترام الكافي ما دامت فلسطين محتلة، كما أن عليه وعلى المؤسسة الأممية مسؤولية كبرى بإنهاء الاحتلال، بل تلك هي رسالة وهدف الأمم المتحدة، فبأي عين ستنظر الأمم المتحدة في عيوننا إذا كانت أصلا غير قادرة على تطبيق أهدافها، ومواثيقها التي يجمعها إنهاء الاحتلال بالقوة وحق تقرير مصير الشعوب؟!
كما تشكل قضية فلسطين تحديا خلقيا للولايات المتحدة، التي ترتبط بالدول العربية بعلاقات ودّ وصداقة، وهذا يضع مصداقيتها على المحك.
ولا نقتنع بأن التحالف الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وإسرائيل يمنعها من دعم المشروع الفلسطيني، الذي هو مشروع استقرار وسلام للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، فكل ما ورد فيه مشروع وقانوني وأخلاقي وإنساني وعقلاني منفتح أيضا.
لقد بررت المندوبة الأميركية في مجلس الأمن سامنثا باور معارضتها للمشروع من منطلق أن "تقديم المشروع الفلسطيني خطوة أحادية غير بناءة وتزيد خطورة الوضع، والولايات المتحدة تدعم قرارات الأمم المتحدة بحل الدولتين وتشجع الفلسطينيين والإسرائيليين على التفاوض"؛ فهل هذه معارضة مقنعة؟
كيف يكون مشروع إنهاء الاحتلال خطوة أحادية غير بناءة؟ وكيف تزيد خطورة الوضع؟
وهل هذه المعارضة الأمريكية للمشروع الفلسطيني تصب في دعم قرارات الأمم المتحدة بحل الدولتين وتشجع الفلسطينيين والإسرائيليين على التفاوض؟
كيف نحترم ونقتنع ما نسمعه والولايات المتحدة هي الشاهدة الأكثر دراية بما حدث من تفاصيل المفاوضات بيننا وبين الإسرائيليين؟
فشل مجلس الأمن في تمرير مشروع من أنبل المشاريع السياسية في التاريخ المعاصر، كونه مشروعا ينهي الاحتلال، وبالتالي ينهي حالة الصراع في المنطقة، باعتبار قضية فلسطين هي قضية عربية. وهو فشل جديد يضاف لفشله القديم منذ عقود، فكم من قرارات صدرت أصلا ولم تر النور بمبرر أنها غير ملزمة!
وهو فشل للولايات المتحدة يشير إلى عدم قدرتها على الضغط الحقيقي على إسرائيل لتنهي احتلالها.
أما أستراليا، فلا نعرف ما الذي بيننا وبين هذه الدول البعيدة؟ قد يبدو التساؤل ساذجا في ظل منطلقات العلاقات الدولية والتحالفات، ولكن هذا الموقف يدفعنا للتفكير ليس فقط بالقضية الفلسطينية، بل بالقضايا العربية ومصالحنا الإستراتيجية وكرامتنا أولا وأخيرا.
كان بإمكان أستراليا أن تمتنع عن التصويت، ولكن معارضتها تدل على مدى حجم وجودنا العربي وحضوره عالميا، فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بالكرامة أيضا. وتلك مسؤوليتنا القومية في إثبات ذاتنا.
لنتأمل مفارقة امتناع نيجيريا الدولة الإسلامية عن التصويت على المشروع الفلسطيني-العربي، (والإسلامي أيضا) وموافقة دول في الاتحاد الأوروبي، مثل فرنسا ولوكسمبورغ، لصالح مشروع القرار!
الموقف النيجيري! لا أجد ما أقوله غير ما اعتبرته المندوبية الدائمة لدولة فلسطين لدى منظمة التعاون الإسلامي، في بيانها الذي صدر فور التصويت، بأن "امتناع نيجيريا عن التصويت لصالح مشروع القرار العربي الهادف إلى وضع سقف زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، بمثابة خذلان كبير للقضية الفلسطينية، وتراجع غير محمود في الموقف التاريخي النيجيري الداعم للقضية الفلسطينية".
لقد خرجت تصريحات قبل التصويت بقليل تؤكد تأمين فلسطين 9 أصوات بما فيها نيجيريا الدولة الشقيقة، لكنها تراجعت عن تأييدها للقرار في اللحظات الأخيرة فامتنعت عن التصويت. فما الذي دفع بنيجيريا إلى هذا الموقف المتخاذل؟ مرة أخرى أقول تلك مسؤوليتنا التي أوصلتنا عربيا إلى هذه الحالة.
أما امتناع بريطانيا عن التصويت، فهو يثير تساؤلا مستمرا، حول مدى التغيير الفعلي في الساسة البريطانية تجاه فلسطين، خصوصا أن بريطانيا تتحمّل مسؤولية تجاه فلسطين، كونها الدولة كانت المنتدبة، والتي كان عليها إيصال فلسطين إلى الاستقلال.
كما أن بريطانيا بحاجة للتخلص من الإرث الاستعماري القديم، ودورها في نشوء القضية الفلسطينية، في ظل تطور العلاقات العربية مع بريطانيا، وصدق النوايا العربية في هذه العلاقات. لكن تلك أيضا مسؤوليتنا في محدودية تأثيرنا السياسي عليها.
أما ما تبقى من الدول الممتنعة عن التصويت، وهي وليتوانيا وجمهورية كوريا، ورواندا، فإن علينا فلسطينيين وعربا زيارة هذه الدول والالتقاء بزعمائها، ووزراء الخارجية فيها، لعرض قضيتنا العادلة، التي تستحق الدعم الصريح، فليس هناك ما يتطلب الامتناع عن التصويت، والممتنع عن قول الحق يعني تقبله.
ثلاث دول عظمى صوتت مع المشروع، فرنسا والصين وروسيا، هذا إنجاز لهذه الدول، في استقلاليتها، وصونها لكرامتها، وإعلان موقفها الصريح من الاحتلال.
وفي تصويت هذه الدول الثلاث دلالات:
فرنسا، بما تملك من علاقات قديمة مع إسرائيل، فإنها تحرص على العلاقات المتوازنة مع العرب، وهي دولة تشذ عن منطق من ليس معي فهو ضدي، بمعنى ان فرنسا صديق لإسرائيل، ولكن هذا لا يعني الموافقة العمياء على سياستها، وهذه بنظري صداقة حقيقية، أن يقول الصديق لصديقه الحقيقة والحق. إنه موقف الدولة في فرنسا، وليس موقف الأحزاب، وهذا احترام للأحزاب بما فيها اليمين لموقف فرنسا الأخلاقي من الاحتلال.
أما موقف لوكسمبورغ المؤيد للقرار، فهو يثير الأمل، فهذه الدولة الأوروبية الغربية، تحترم نفسها، ومن الممكن مستقبلا أن تتقدم المواقف الأوروبية أكثر فأكثر، لعل ذلك يكون ضاغطا على إسرائيل، للانصياع لحق تقرير الشعوب، فلا يمكن أن يستمر الاحتلال.
روسيا والصين كذلك، ترتبطان بإسرائيل بعلاقات مختلفة، ولكن عند الجدّ فإن روسيا هي روسيا، والصين هي كذلك لا تقبلان أن تكونا صغيرتين، لذلك لا تخشيان من إعلان موقفهما، وهو موقف حكيم وعقلاني، فلا يمكن أن تصغرا لإرضاء لأي دولة، لا إسرائيل ولا غيرها، وتلك هي الدول التي تحترم نفسها، بالثقة في النفس، والقدرة والتأثير، بما تملكان من مقومات حضارية وسياسية ومادية.
إن تصويت الأرجنتين، وشيلي، يدلل على أن جهود الدبلوماسية الفلسطينية في أمريكا الجنوبية اللاتينية في الفترة الأخيرة أثمرت، وما زالت تتقدّم، مما يعني ببساطة أن التخطيط هو أساس العمل، وأن قيامنا بمسؤولياتنا الدبلوماسية، هو ما أدى إلى هذه الثمار، ومسؤوليتنا لا تتوقف عند اليوم فقط، بل غدا، لأن الصراع صعب ومرير.
أما تشاد الإسلامية الشقيقة، فتمثّل الدول الإسلامية والإفريقية إلى حدّ كبير، ولكن يبدو أننا إزاء تحدّ في الدائرتين الإسلامية والإفريقية، خصوصا في ظل موقفي نيجيريا الإسلامية ورواندا الإفريقية، وتلك مسؤوليتنا أيضا.
ولنا هنا أن نقدّر عاليا الأردن الشقيق الذي يقود الموقف العربي في هذه المعركة في أروقة مجلس الأمن. لقد كانت مندوبة الأردن في مجلس الأمن السفيرة دينا قعوار شجاعة وجريئة حين ردّت على المندوبة الأميركية في مجلس الأمن السفيرة سامنثا باور ، بقولها بأنّ "مشروع القرار العربي ليس قرارا أحاديا"، غير مستسلمة لعدم تبني المشروع الفلسطيني، مؤكدة بأن هذه الجهود ستتواصل لحل الصراع.
لقد كررت وراء استعراض مواقف الدول الأعضاء في مجلس الأمن ال15، حديثي عن مسؤوليتنا العربية، لأن القضايا العربية تشمل فلسطين وغيرها، وآن الأوان للتأكيد على الحلقة القومية لتكون الأقوى في الحلقات الأخرى. وهذا طريق الخلاص القومي والقطري، فقط لنعمل ونواصل العمل، ففصل الإثمار تسبقه فصول رعاية الشجر. والربيع الذي نعرفه بخضرته وزهره هو الأمل بأن ما يتلوه هو ثمرة أهدافنا المشروعة في التحرر والعدالة والتنمية والكرامة.
Ytahseen2001@yahoo.com
إرسال تعليق