مقال رئيس تحرير هأرتس الاسرائيلية : الى متى نحتل الضفة والقدس ؟

الخميس، 28 فبراير 20130 التعليقات

نشرت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية اليوم الاربعاء مقالاً كتبه رئيس تحرير موقعها على الانترنت برادلي بيرستون، وهو يهودي اميركي تلقى تعليمه في لوس انجليس بولاية كاليفورنيا وهاجر الى اسرائيل في العام 1976. ويقول بيرستون "انني ادرك الآن انني الغائي وأن الاحتلال عبودية. كما ادرك انني بحاجة لايلاء مزيد من العناية الى ابراهام لينكولن، وقدرته على ان يذكرنا جميعاً بالحكمة المخبأة في ما هو واضح".
وجاء في المقال: ""اسمع الناس يقولون في الآونة الاخيرة انهم اذا سمعوا شيئاً آخر سلبياً عن اسرائيل، فسيفقدهم هذا صوابهم. سمعت هذا من اناس يكرهون اسرائيل حتى الموت، ومن اناس يعبدون اسرائيل ولكن من دون انتقاد، ومن المجموعة التي انتمي اليها، وهم اناس يحبون هذا المكان ويجدونه مثيراً للجنون بكل معنى من المعاني، ويجدون حبه مؤلما، ومغادرته مؤلمة وامكانية حدوثها مرعبة، وكظل لا ينمحي وملتحم بالنفس. من الناحية النظرية، ينبغي أن توفر دار للسينما مهرباً اكيداً من ذلك. ولكن هذا لم يحدث لسوء الحظ. عندما ركبنا الباص انا وزوجتي لنشاهد (الفيلم) "لينكولن" هذا الاسبوع، توقف لنا السائق عند اقرب موقف الى صالة العرض: ساحة رابين، موقع اغتياله في 1995وهو عدسة يمكن من خلالها فهم ظلمة ابراهام لينكولن، وهو اميركي مزقته العبودية، ولكن، قبل كل شيء، فهم انفسنا".
وجاء أيضا: "انني اعرف شيئاً ما عن التاريخ الاميركي. واعرف الكثير عن الحرب الاهلية. ولكن بالنسبة الي والى زوجتي كانت الساعتان ونصف الساعة التي شاهدنا فيها "لينكولن" وقتاً قضيناه في مشاهدة اسرائيل وهي تمزق نفسها حتى الموت بشأن كيف تكون صلتها، او كيف تتجنب ان تكون لها صلة، بالفلسطينيين كبشر. المرة تلو المرة، في مناقشات الفيلم بشأن العبودية، وهي حرب لا تطاق ولا نهاية لها، وفي تداخل تلك المناقشات بعضها ببعض، كان من المستحيل عدم رؤية اوجه الشبه بالمجتمع الاسرائيلي واحواله السياسية، وحربه، وحياته اليومية. كان من المستحيل الا يرى المرء في صالة العرض هذه عبر الشارع عند ساحة رابين ماذا استطاع زعيم مصمم، وملهِم وطافح بالانسانية، بالتعاون مع الغالبية الساحقة من شعبه، أن ينجز من أجل العدالة الانسانية الاساسية – والثمن الذي قد يستطيع متطرف ساخط مسلح أن يفرض على الزعيم دفعه لقاء اي نجاح في التقدم الى أمام.
وقال في مقاله: "احياناً عليك أن تغض الطرف عما أنت معتاد عليه اكثر من اللازم لكي تراه بالمرة. احياناً تحتاج الى ان تكون في مكان بعيد معتم لكي يسلط ضوء عليك. وادرك الآن ما الذي يجعل كلمة "ابارتايد" مصطلحا سهلا جداً مألوفاً في ماديسون افنيو يعبر عما هو الاحتلال وماذ يفعل في واقع الامر. إن الاحتلال عبودية. باسم الاحتلال، عومل جيل بعد جيل من الفلسطينيين كاملاك. يمكن نقلهم حسب المشيئة، وتقييدهم بالاصفاد كما نشاء، وتعذيبهم كما نشاء، وتشتيت عائلاتهم كما نشاء. يمكن حرمانهم من حقهم في التصويت، وفي امتلاك عقارات، وفي الالتقاء بافراد عائلاتهم واصدقائهم او التحدث اليهم. ويمكن ان يطاردهم او يقتلهم بالرصاص اسيادهم وهم يدعون مكانتهم بموجب حق توراتي، وان يستخدموهم ايضاً ليبنوا ويشتغلوا في المزارع التي لا يمكن ان يأمل الكادحون في امتلاكها ابداً. الاسياد ينزعون عنهم الصفة الانسانية ويطلقون عليهم اسماء الوحوش".
وتابع في مقاله: "رجال الدين في هذا الجنوب القديم في الضفة الغربية الجديدة، يفتون، باسم الله والتوراة، بأن من المباح التمرد على الحكومة، وضد الجيش، من اجل حماية المزارع وقدسية مؤسسة الاحتلال. الناطق باسم هذا الجنوب القديم، يتاجر، وهو يتحدث الينا عبر خطوط الفصل، بالخوف من اولئك الذين هم تحت الاضطهاد، محذراً من انهم سيسيطرون علينا ويقتلوننا اذ سمح لهم ان يكونوا احراراً. في اليوم الذي ذهبنا فيه لمشاهدة "لينكولن" تحدثت عناوين الاخبار عن قيام 14 فتى يهودياً بضرب عربي من العرب في اسرائيل حتى الموت تقريباً في يافا وجرحه في الرأس واحدى عينيه بقوارير زجاجية وقطع زجاج، ما استدعى نقله الى المستشفى في حالة خطرة. وهوجم الضحية بينما كان يعيد ملء سيارته بالماء ليواصل تنظيف الشوارع. ونقلت زوجته عن المهاجمين قولهم بينما كانوا يضربونه ان العرب
وقال: "ادرك الآن انني إلغائي. ادرك كم هو كبير وكبير عدد الناس الذين اعرفهم، في تلك المجموعة غير المسماة الكبيرة وغير المنظمة الى حد كبير التي انتمي اليها، هم ايضاً إلغائيون، وهم الناس الذين يعتبرون ان القضية المركزية، والحاسمة الاهمية، التي تواجه اسرائيل والاسرائيليين – وكذلك اليهود في العالم - والتي يجب أن تكون لها الاولوية هي كيفية وضع نهاية لاحتلال الضفة الغربية والقدس الشرقية".
وختم رئيس تحرير موقع هآرتس مقاله قائلا: "ادرك انني يجب أن أولي مزيداً من الاهتمام الى ابراهام لينكولن، خصوصاً قدرته على ان يذكرنا كلنا – في رغبتنا الطبيعية في عدم سماع شيء آخر سيء – بالحكمة المخبأة في ما هو واضح. قال ذات مرة: "اولئك الذين ينكرون الحرية للآخرين، لا يستحقونها لانفسهم". وقال ايضاً: "كلما سمعت أي أحد يدافع عن العبودية، اشعر بدافع قوي لرؤيتها وهي تُفْرض عليه شخصياً".
انشر الموضوع واضفط اعجبنى :

إرسال تعليق